Rechercher dans ce blog

lundi 8 février 2010

العلماء المغاربة يدونون النوازل

البحث:

يتناول هذا البحث ((جهود فقهاء المالكية المغاربة في تدوين النوازل الفقهية)).

والنوازل هي: الواقعات والمسائل المستجدة التي تنزل بالعالم الفقيه؛ فيستخرج لها حكماً شرعياً. كما تسمى بــ: الأحكام، والفتاوى، والعمليات، والأجوبة.

وقد برع فقهاء المالكية المغاربة في تدوين النوازل الفقهية؛ مما ولد تراثاً فقهياً زاخراً؛ يحمل في طياته مختلف الفوائد العلمية المتعلقة بأصول الأحكام، وطريقة التطبيق.

والمراد بالمالكية المغاربة: هم الذين يقطنون بلاد شمال إفريقية والأندلس.

وتنقسم فترة تدوين كتب النوازل إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: تمتد عبر القرنين الثاني والثالث.

المرحلة الثانية: تمتد من القرن الرابع إلى السابع.

المرحلة الثالثة: تمتد من القرن الثامن إلى وقتنا الحاضر.

كما تتميز النوازل الفقهية بعدة خصائص هي:

1#الواقعية: فهي تتعلق بمسائل وقعت بالفعل.

2#الطابع المحلي: فهي لا تبقى سابحة في المطلق، بل هي مقيدة بزمان معين، ومكانه، وموضوعه.

3#التجدد المستمر: فكتب النوازل وإن كانت مرتبة على أبواب الفقه؛ إلا أنها تتميز بتجدد مضمونها.

4#تنوع التأليف: فهي تختلف فيما بينها شكلاً وموضوعاً.

وتعد المؤلفات النوازلية مصدراً أساساً في مجالات شتى يستفيد منها: الفقيه، والمفتي، والقاضي، والسياسي، والمؤرخ، والاقتصادي وغيرهم.

واشتمل البحث على فهرسٍ بأسماء كتب النوازل الفقهية لفقهاء المالكية المغاربة، عسى أن تكون مفتاحاً لمزيد من البحث عنها.

المقدمة

الحمد لله الذي شرح صدورنا للإسلام، ومَنَّ علينا بمعرفة الحلال والحرام، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير الأنام، وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، أما بعد:

فإن شريعتنا الغراء تتميز بخصائص فريدة، لا تتوافر في غيرها من الشرائع والأنظمة الأخرى. ومن أبرز تلك الخصائص: جمعها بين الثبات والمرونة، فهي ثابتة في أصولها، لا تتغير ما دامت السماوات والأرض، ومرنة في الوقت ذاته قادرة على استيعاب كل نازلة من النوازل.

لقد سايرت الشريعة الإسلامية بذلك كل تغير وتطور أحدثته البشرية عبر القرون المختلفة، والأماكن المتباينة، والظروف المتنوعة، والأعراف المتجددة.

وظل الفقه الإسلامي يحمل راية هذا التجديد والاجتهاد، وفق ضوابط وشروط حددها أهل العلم. واستطاع - بفضل المولى جل وعلا - أن يلامس أحوال المكلفين، ويجد لها الحلول الناجعة، ولم يتأخر عن حل مشكلاتهم، مهما دقت النوازل أو جلت.

وهذا التطور والتجدد هو الذي حكاه لنا القرآن في نصوص عدة، منها: قوله تعالى: { } ژ ! « # :9!!، وقوله - جل وعلا -: د ذ ر ز س ش.

وقد قيض الله لهذا الدين رجالاً أكفاء، وفقهاء أجلاء، حملوا ميراث النبوة، وقبسات التنزيل، فأناروا للناس غياهب الظلم، وبددوا غيوم الجهل، وأضحى آخر الأمة ينهل من معين أولها عذباً زلالاً؛ مما أدى إلى كثرة الفتاوى الفقهية التي نتجت عن النوازل المختلفة سواء أكانت تتعلق بالعبادة أم بالمعاملة.

وقد برع فقهاء المالكية المغاربة في مجال تدوين هذه النوازل؛ مما ولَّد تراثًا فقهيًا زاخراً يحمل بين طياته مختلف الفوائد العلمية المتعلقة بأصول الأحكام، وطريقة التطبيق.

وهذه البراعة التي اتسمت بها مؤلفاتهم لم تكن مصادفة، بل هي نتاج عقول شغوفة بالتحصيل العلمي، والاستنباط الفقهي الذي تربوا عليه منذ نعومة أظفارهم على مذهب عالم المدينة الإمام مالك - رحمه الله -. فإذا كانت كتب المذهب الضخام كالمدونة، والعتبية، والموازية، وغيرها يستحضرها صغار السن منهم، فما بالك بقرائح مجتهديهم التي ضربت أطناب العلم في كل واد!

وكانت حصيلة هذه الفتاوى مئات المؤلفات النوازلية التي تحكي ظروفًا سياسية، واجتماعية، وتاريخية متناثرة بين الأندلس والمغرب. ومن المؤسف: أن كثيراً منها حبيس أدراج المكتبات الغربية والعربية، يشكو إلى الله طول غربته.

ومع أن المسلمين - في واقعهم المعاصر - في أمس الحاجة إلى مثل هذه الكنوز الحبيسة التي تمثل حلولاً لكثير من المعضلات المتشابهة على تباعد الفترات الزمنية إلا أنهم بعيدون - كل البعد - عنها!

وما سبق بيانه كان الدافع الأول نحو كتابة هذا البحث المتواضع.

وفي هذه الإسهامة المتواضعة حاولت جاهداً دراسة نماذج من هذه الجهود الفقهية لفقهاء المالكية المغاربة؛ لعلي أصل إلى ربط الشرق الإسلامي بغربه، لاسيما في زمنٍ أصبحت الحاجة فيه ماسة إلى استلهام الحلول التي قامت عليها جماعات من فقهاء المالكية المغاربة.

وقد سلكت في كتابة هذا البحث المنهج الاستقرائي؛ لأنه المناسب لمثل هذه الدراسة الموسوعية التي تتناول كماًّ هائلاً من مصادر النوازل عند فقهاء المالكية المغاربة.

خطة البحث:

المقدمة.

المبحث الأول: تعريف النوازل والألفاظ ذات الصلة.

المبحث الثاني: انتشار المذهب المالكي في المغرب.

المبحث الثالث: المراد بالمالكية المغاربة.

المبحث الرابع: تدوين النوازل الفقهية عند فقهاء المالكية المغاربة.

المبحث الخامس: خصائص مؤلفات النوازل الفقهية عند فقهاء المالكية المغاربة.

المبحث السادس: منهج فقهاء المالكية المغاربة في تلقي (تحمل) الأسئلة عن النوازل والإجابة عنها.

المبحث السابع: مناهج كتب النوازل عند فقهاء المالكية المغاربة.

المبحث الثامن: كتب النوازل مصدر للدراسات التاريخية والاجتماعية والاقتصادية.

المبحث التاسع: أسماء بعض المؤلفات النوازلية لفقهاء المالكية المغاربة.

المبحث العاشر: كيفية الاستفادة من كتب النوازل عند فقهاء المالكية المغاربة.

الخاتمة، وفيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...

المبحث الأول

تعريف النوازل والألفاظ ذات الصلة

النوازل لغة: جمع نازلة. والنازلة: هي الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالقوم.

قال ابن فارس: (((النون والزاي واللام): كلمة صحيحة، تدل على هبوط شيء ووقوعه)).

اصطلاحاً: لم أقف على تعريف دقيق للنوازل، ويمكن أن أعرفها - من خلال القراءة المتنوعة - بأنها: الواقعات والمسائل المستجدة التي تنزل بالعالم الفقيه؛ فيستخرج لها حكماً شرعياً.

وقد شاع استخدام هذا المصطلح (النوازل) في الواقعات المتعلقة بالعبادات والمعاملات التي يحتاج الناس إلى معرفة حكمها الشرعي.

ومن الواضح: أن هذه التسمية مشتقة من المعنى اللغوي، حيث إن النازلة عندما تنزل بالناس - سواء أكانت دينية، أم سياسية، أم اقتصادية، أم اجتماعية - تُحدث في نفوسهم شيئًا من الخوف والقلق؛ فيهرعون إلى الفقهاء لاستجلاء آرائهم، والاستهداء بأقوالهم، فإذا أفتى الفقيه وأصدر الحكم الشرعي؛ فإن النفوس تهدأ وتلزم تلك الفتاوى.

الألفاظ ذات الصلة:

استخدم الفقهاء ألفاظًا أخرى تدل على معنى النوازل وهي:

1- الفتاوى: وهي الأجوبة عما يشكل من المسائل الشرعية.

ومن ذلك: فتاوى ابن أبي زيد القيرواني (ت386هــ)، وفتاوى ابن رشد (ت520هــ)، وفتاوى الشاطبي (ت790هــ)، وفتاوى البُرزُلي (ت841هــ).

واشتهر هذا المصطلح عند الحنفية والمالكية.

2#الأجوبة أو الجوابات، أو الأسئلة، أو الأسئلة والأجوبة: ويقصد بها أجوبة المفتي عن الأسئلة التي قدمت إليه ليفتي فيها في أمر مشكل.

ومن المؤلفات في ذلك: الأجوبة لأبي الحسن علي بن محمد القابسي (ت403هــ)، والأسئلة لمحمد بن إبراهيم بن عباد (ت792هــ)، وأسئلة وأجوبة لأحمد بن قاسم الجذامي الفاسي (ت778هــ).

3#العمل أو العمليات: وهي ما اتفق أهل بلد ما على العمل به، كعمل أهل فاس.

ومن ذلك: ((العمل الفاسي)) الذي نظمه الشيخ عبد الرحمن الفاسي (ت1096هــ) في منظومة ضمنها حوالي ثلاثمائة مسألة مما جرى به العمل بفاس، وقد شرحها ولم يتمها، وشرحها القاضي العميري وأبو القاسم السجلماسي (ت1214هــ)، وشرحها الشيخ المهدي الوزاني في كتابه: ((تحفة الأكياس بشرح عمليات فاس))، كما شرحها - شرحاً وسطاً - العلامة عبد الصمد كنون في كتابه: ((جنى زهر الآس في شرح نظم عمل فاس)). وهذه الشروح مطبوعة على الحجر، والأخير منها على الورق بمطبعة الشرق بمصر، وشرح الناظم والعميري والمهدي الوزاني فهي في عالم المخطوطات. ومن المؤلفات في ذلك أيضاً: ((منظومة عمل سوس)) لأبي زيد عبد الرحمن الجشتمي، و((منظومة عمل تطوان)) لأبي العباس أحمد الرهوني التطواني.

4#الأحكام: وهي غالبًا ما تتعلق بأبواب الأقضية، والمعاملات المستجدة.

ومن ذلك: كتاب ((الأحكام)) للقاضي أبي المطرف عبد الرحمن بن قاسم الشعبي المالقي (ت497هــ).

وهو من أوائل من صنف في هذا اللون من الفقه المالكي. ومنها: جامع مسائل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام للبرزلي (ت841هــ).

المبحث الثاني

انتشار المذهب المالكي في المغرب

تكونت في أنحاء البلاد الإسلامية ((خلايا مالكية)) قوامها أولئك الذين تتلمذوا على الإمام مالك، والتزموا مذهبه وأصوله الاستنباطية الفقهية، وتطورت هذه الخلايا؛ لتصبح فروعاً باسقة لدوحة عظيمة، بل لتصبح كل خلية منها مدرسة تحت راية المدرسة المذهبية الكبرى، ولكل مدرسة من هذه المدارس نشاطها العلمي الذي تتميز به: منهجاً استنباطياً، وترجيحاً فقهياً، وكتباً معتمدة.

المدارس المالكية:

1- مدرسة المدينة:

تعد مدرسة المدينة هي المدرسةَ الأم، والنبع الذي انبثقت منه كل روافد المذهب، وضُربت إليها أكباد الإبل في حياة الإمام، وحتى بعد وفاته؛ إذ لم تنقطع حلقات المذهب في المسجد النبوي، يتصدرها كبار تلاميذ مالك المدنيون: كابن الماجشون (ت212هــ)، ومطرف (ت214، وقيل: 219، وقيل: 220هــ)، وابن دينار (ت182هــ)، وغيرهم.

2- المدرسة العراقية:

ثم ظهرت المدرسة العراقية على يد بعض تلاميذ الإمام مالك كعبد الرحمن بن مهدي (ت198هــ)، وعبد الله القعنبي (ت221هــ)، وأحمد بن المعذَّل.

وقد تأثر منهج المدرسة العراقية بالمدرسة الفقهية السائدة في العراق ألا وهي: ((مدرسة أهل الرأي))، ونتيجة لهذا التأثر تميزت مدرسة العراق المالكية بميلها إلى التحليل المنطقي للصور الفقهية، والاستدلال الأصولي، وعلى رأس أولئك القاضي أبو الحسن ابن القصار (ت397هــ)، وابن الجلاب (ت378هــ)، والقاضي عبد الوهاب (ت422هــ).

3- المدرسة المصرية:

وكانت المدرسة المصرية - حينئذ - في أقوى أحوالها، مما جعلها تحتل مركز القيادة بين المدارس المالكية، وذلك بسبب سماعات ابن القاسم، وما قدمه في المدونة من آراء مالك، وآرائه هو الشخصية، والتي اعتمدت عليها المدارس المالكية كلها بعامة، ومدرسة إفريقية والأندلس بخاصة. ومن أبرز فقهائها: ابن القاسم (ت191هــ)، وأشهب (ت204هــ)، وابن وهب (ت197هــ)، وأصبغ (ت225هــ)، وابن عبد الحكم (ت214هــ) وغيرهم.

4- المدرسة المغربية (القيروان - تونس - فاس- الأندلس)

انتشر الفقه المالكي في بلاد المغرب الإسلامي بواسطة تلامذة الإمام مالك الذين رحلوا إليه منها، والذين يزيدون على ثلاثين تلميذًا.

وكان أبرز هؤلاء: علي بن زياد (ت183هــ)، والبهلول بن راشد (ت183هــ)، وعبد الرحيم (عبد الرحمن) بن أشرس، وعبد الله بن غانم (ت190هــ) ((..فكانوا حجر الأساس الراسي في هيكلة الفقه الإسلامي بالمغرب، ونواة الشجرة التي تولدت عنها جنة باسقة، لم يزل الدين والعلم والفكر والآداب تتفيأ ظلالها الوارفة إلى اليوم..)).

وكان من أعظم هؤلاء العلماء: علي بن زياد. ولذلك قال سحنون: ((ولو أن التونسيين يسألون لأجابوا بأكثر من جوابات المصريين؛ يريد: علياًّ بن زياد وابن القاسم)).

كما تجلت عبقريته - أيضاً - في تلميذيه اللذين تخرجا على عينيه، وهما الإمامان: أسد ابن الفرات (ت213هــ) الذي كان له أكبر الأثر في تدوين فقه هذه المدرسة من خلال كتابه المعروف بالأسدية، نسبة إليه، والإمام سحنون (ت240هــ)، الذي استطاع هو الآخر أن يربط تلك الفروع بأصولها في مدونته.

إذن فمؤسس المذهب المالكي في تونس هو علي بن زياد.

وقد اهتمت هذه المدرسة بالموطأ وغير ذلك مما وقف عليه الإمام مالك، وبنى عليه مذهبه في المدينة، واهتمت هذه المدرسة بتصحيح الروايات وبيان وجوه الاحتمالات.

وامتدت مدرسة تونس لتصل إلى (فاس، والمغرب الأقصى) على يد درَّاس ابن إسماعيل (ت357هــ)، وهو أول من أدخل مدونة سحنون مدينة فاس.

((وهذا الفرع- فرع فاس والمغرب الأقصى- وإن تأخر ظهوره إلا أنه أضحى فيما بعد الممثل للمذهب المالكي في المغرب العربي بعامة، والأندلس بخاصة بعد استقرار المهاجرين من علمائه في أنحاء المغرب العربي)).

وأما مؤسس مدرسة المالكية في الأندلس: فهو زياد بن عبد الرحمن الملقب بــ(شبطون) (ت204هــ). وقد سمع من مالك الموطأ، وروى عنه يحيى بن يحيى الموطأ قبل أن يرحل إلى مالك، وقد نقل عن الإمام مالك بعض الفتاوى، وله فيها كتاب سماع معروف بسماع زياد.

وزاد في تثبيت المذهب في الأندلس تلميذ زياد، يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي الذي حظي بالقرب من الخليفة عبد الرحمن بن الحكم بن هشام. جاء في ترتيب المدارك: ((ولم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة، وعظم القدر، وجلالة الذكر، ما أعطيه يحيى بن يحيى. وكان الأمير عبد الرحمن بن الحكم يبجله تبجيل الأب، ولا يرجع عن قوله، ويستشيره في جميع أمره، وفيمن يوليه ويعزله؛ فلذلك كثر القضاة في مدته)).

وبعد أن تحمل يحيى موطأ مالك وأصبحت روايته من أشهر روايات الموطأ - وهي مما انفرد بروايتها المغاربة-. توجه إلى مصر بعد وفاة مالك، حيث التقى بابن القاسم، وابن وهب، شيخي المدرسة المصرية والمدنية، وتلقى منهما الشيء الكثير، وجمع بين آرائهما دون تعصب لأحد منهما، حتى كان يقول: ((اتباع ابن القاسم في رأيه رشد، واتباع ابن وهب في أثره هدى)).

ثم حمل لواء المذهب في الأندلس بعده محمد العتبي (ت254هــ)، حيث سمع من سحنون، ويحيى بن يحيى، ثم دون مستخرجته التي جمع فيها أقوال مالك وأصحابه، فاعتنى بها أهل الأندلس، وعكفوا عليها، واعتمدوها، وهجروا ما سواها، وبوَّبوها تبويب المدونة. ثم أفضى الأمر بعده إلى تلميذه ابن لبابة (ت314هــ)، الذي أخذ عن العتبي وغيره، وقد دارت عليه الأحكام، وتدريس الرأي أكثر من ستين سنة. ولم تزل هذه المدرسة يذيع صيتها، ويطير ذكرها في الأندلس، بالفضل بن سلمة (ت319هــ)، وأبي بكر بن زرب (ت381هــ)، ومن بعدهما أبو عمر ابن المكوي (ت401هــ)، وابن الفخار (ت419هــ)، إلى أن ابتلى الله قرطبة بفتنة البربر، تلك الفتنة التي مات بسببها الكثير من العلماء، وفر بسببها كثير آخرون استوطن أغلبهم فاساً، وبذلك ضعفت المدرسة في الأندلس، حتى قيض الله الإمام أبا الوليد الباجي (ت474هــ) وأبا محمد الأصيلي (ت392هــ)، فأحيا بهما ما اندرس من العلوم الفقهية.

ثم خلفهما سند بن عنان (ت541هــ) تلميذ الباجي وصاحب الكتاب المشهور بالطراز، ثم خلفتهم في هذه المدرسة كوكبة من العلماء اتجهت إلى جمع المذهب فروعاً وقواعد، ومن أشهرهم: الإمام ابن الحاجب (ت646هــ)، والإمام القرافي (ت684هــ)، والإمام خليل بن إسحاق (ت767هــ) صاحب المختصر الفقهي، واتجه هؤلاء إلى الاعتماد على آراء معينة في الفقه واعتمادها هي المذهب، مما حدا بالبعض الآخر كابن عرفة (ت803هــ) إلى عدِّ ذلك قتلاً للفقه، فجمع الآراء المهجورة والمتروكة منذ القرن السادس، وحث على الأخذ منها، والترجيح بينها عن طريق النقد والتحقيق.

وقد زاد من هذا النهج الإمام الشاطبي أبو إسحاق (ت790هــ)، ورأى انكباب الناس على المختصرات دون غيرها مما يضعف الإفادة في المسائل النازلة، وشمر عن ساعديه في الرجوع إلى حقيقة الدين وقواعده الكلية القطعية، فكانت حصيلة هذا المنهج كتاب الموافقات ذلك السفر العظيم، ولا يبعد هذا النهج كثيراً عن نهج أولئك الأجلاء أمثال: ابن عبد البر (ت463هــ)، وابن العربي (ت543هــ)، وابن رشد الحفيد (ت595هــ) مع اختلاف الأزمان.

المبحث الثالث

المراد بالمالكية المغاربة

مصطلح: ((المالكية المغاربة)) انتشر بعدما غمر المذهب المالكي بلاد المغرب الإسلامي، التي تشمل في هذا الاصطلاح بلاد شمال إفريقية والأندلس، بواسطة تلامذة الإمام مالك الوافدين إليه منها، الذين ربا عددهم على ثلاثين تلميذًا.

فالمراد بجهة الغرب - هنا: ما كان غرب الدولة الإسلامية قديماً، وليس المقصود منه بلاد المملكة المغربية التي عاصمتها الرباط الآن.

وهذا المصطلح كما هو متعارف عليه عند الفقهاء؛ فهو كذلك متعارف عليه عند المحدثين، والمؤرخين، وغيرهم قديماً.

ولهذا يطلق على كثير من علماء الأندلس وعلماء إفريقية، وعلماء سبتة، وتلمسان، وشنقيط وغيرهم هذا الوصف.

فمثلاً يقال للباجي: إنه من المغاربة وهو أندلسي، ويقال لابن رشد: إنه من المغاربة وهو قرطبي، ويقال للقاضي أبي المطرف الشعبي: بأنه مغربي وهو من مالَقَة (وهي مدينة ساحلية بجنوب الأندلس)، وكذلك الحافظ ابن عبد البر القرطبي الأندلسي، وكذلك ابن العربي المعافري.

وكذلك يقال لابن أبي زيد القيرواني: إنه من المغاربة، وهو إفريقي (تونسي)، وكذلك يقال لابن الحسن اللخمي وهو قيرواني الأصل.

ويطلق على أبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي بأنه مغربي وهو من تلمسان (الجزائر) وغيرهم كثير.

المبحث الرابع

تدوين النوازل الفقهية عند فقهاء

المالكية المغاربة

تأخر تدوين النوازل الفقهية عن العصرين المفضلين (عصر النبي عليه الصلاة والسلام، وعصر الصحابة رضي الله عنهم)، شأنه في ذلك شأن بقية الفنون التي لم يبدأ تدوينها إلا في العصر الذهبي لتدوين العلوم الشرعية، الذي دون فيه الفقه والحديث والتفسير وغيرها.

وقد كانت النوازل تقع في عهد الرسول الكريم ، فيسأل الصحابة عنها رسول الله ؛ فيتنزل عليه الوحي من السماء.

وأرسل النبي بعض الصحابة إلى بعض البلاد؛ لتعليم الناس أمور دينهم، ودعوتهم إلى الله، فكانت تعرض عليهم بعض النوازل؛ فكانوا يرجعون فيها إلى الله ورسوله، فإن لم يجدوا اجتهدوا آراءهم.

ولما مات النبي حدثت نازلة عظيمة، وهي: تعيين خليفة لرسول الله ، وأخرى ليست ببعيدة عنها، وهي: قتال مانعي الزكاة.

فاجتمع الصحابة للنظر في هاتين النازلتين، وأجمعوا على تعيين الصديق خليفة لرسول الله، كما أجمعوا على قتال مانعي الزكاة.

وعندما اتسعت رقعة الإسلام، وكثرت الفتوحات، وانتشر الإسلام، وزاد الداخلون فيه على مختلف أعراقهم، وألسنتهم، وعاداتهم، نزلت بالمسلمين نوازل كثيرة، فرجعوا إلى كتاب الله، فإن لم يجدوا رجعوا إلى سنة رسول الله، فإن لم يجدوا اجتهدوا آراءهم.

ولم تدون المسائل الفقهية خلال هاتين المرحلتين المباركتين، وإنما اكتفي بنقل النوازل من طبقة لأخرى، ومن بلد لآخر.

ولم تزدهر حركة التأليف إلا في عصر التدوين والأئمة المجتهدين، وهو عصر تابعي التابعين، حيث دونت الفنون المتنوعة، ومن هذه الفنون علم الفقه. وقد بدأ تصنيف الفقه في هذا العصر مختلطاً بالسنة النبوية، وما أثر عن الصحابة والتابعين. ومن الأمثلة على ذلك: موطأ الإمام مالك، والجامع الكبير لسفيان الثوري، واختلاف الحديث للشافعي. ووجد بجانب الفقه المختلط بالحديث كتب الفقه المجردة عن السنة والآثار، كالكتب الستة لمحمد بن الحسن الشيباني.

وقد قسم الدكتور/محمد حجي فترة تدوين كتب النوازل إلى ثلاث مراحل:

الأولى: تمتد عبر القرنين الثاني والثالث، وهي أزهى عصور الفقه الإسلامي من حيث التفكير والإبداع.

الثانية: وتمتد من القرن الرابع إلى السابع، وقد توقف تطور الفقه الإسلامي فيها بإغلاق باب الاجتهاد، ولكن توسع كثيراً من حيث التدوين، وظهرت النوازل فرعاً مستقلاً من فروع الفقه؛ يغلب عليها طابع الاجتهاد المذهبي الذي قلَّ في المؤلفات الفقهية الأخرى.

الثالثة: وهي ابتداء من القرن الثامن إلى وقتنا الحاضر.

المطلب الأول

المرحلة الأولى: (القرنان الثاني والثالث)

((نشطت الدراسات الفقهية في هذه المرحلة ضمن الحركة الفكرية الواسعة التي عرفها العالم الإسلامي في العصر العباسي الأول، ولم يعد الفقه يكتفي بالنظر في النوازل التي وقعت فعلاً؛ بل أصبح تقديريًا تُفترض فيه المسائل التي لم تقع، وربما لن تقع أبداً؛ لتستنبط لها الأحكام الشرعية وتدوّن. وكثر فيه الخلاف والجدل بعد أن دخلته الفلسفة وغيرها من العلوم الحكمية التي عربها المسلمون)).

وقد ساعد على قيام النهضة الفقهية نشأة المدارس الفقهية، وأشهر هذه المدارس: مدرسة الحديث بالمدينة، ومدرسة الرأي بالكوفة.

وأصبح لكل مدرسة فقهاؤها. فمن فقهاء مدرسة الحديث: فقهاء المدينة السبعة وغيرهم، وقد انتهت رياسة هذه المدرسة إلى الإمام مالك، وكانت سمة هذه المدرسة البارزة: هي سعة علمهم، واعتمادهم على السنة النبوية، وكانوا يكرهون الاعتماد على الرأي إلا في بعض الأحوال.

وأما أبرز فقهاء مدرسة الرأي: فعلقمة بن قيس النخعي، وحماد بن أبي سليمان وغيرهم، وانتهت رياسة هذه المدرسة إلى أبي حنيفة.

وكان من منهج مدرسة الرأي: التوسع في افتراض المسائل، حيث كانوا يجتمعون في المجالس ويفترضون المسائل فيقولون: أرأيت لو حدث كذا؟ فما حكمه؟ حتى إنهم توسعوا وتطرقوا إلى افتراض ما لا يقع أبداً.

وهكذا نشأت المذاهب الفقهية وتبلورت أصولها، وتنوعت مدارسها، وكثر أتباعها، إلى أن بدأت حركة التأليف الفقهي الأولى، والتي كان قصدها وضع أصول المسائل الفقهية وأدلتها، دون التطرق لمسائل النوازل.

وأصبح الفقه الإسلامي علماً مستقلاً، له قواعده وأصوله النظرية، لا يحتاج إلى نوازل يستند إليها في استنباط الأحكام، وإنما يفترض بعض الفقهاء آلاف المسائل التي لم تقع، ثم يضعون لها أحكاماً حسب القواعد التي قعدوها، حتى إذا وقعت نازلة في هذه المرحلة؛ كانت كنقطة في بحر تختفي تحت ركام الفرضيات؟ لذلك لا نرى في هذه المرحلة الأولى ذكراً ((للنوازل)) إلا قليلاً، لا يبلغ عدد أصابع اليد الواحدة، وبعضه مشكوك فيه، كالنوازل المنسوبة لعبد الرحمن بن دينار القرطبي (ت227هــ)، ولعبد السلام سحنون القيرواني (ت240هــ)، وابنه محمد بن سحنون (ت256هــ).

كما يجب القول: إن هذا النوع من التدوين قديم وأصيل في المذهب المالكي؛ بدءاً من القرن الثاني، فالمدونة للإمام سحنون بن سعيد التنوخي (ت240هــ)، أقدم كتاب وصلنا في المذهب بعد الموطأ؛ وتعد كتاب نوازل بامتياز، وهي عبارة عن أسئلة سئل عنها عبد الرحمن بن القاسم المصري (ت191هــ)؛ فأجاب عنها بما كان سمعه من شيخه مالك بن أنس (ت179هــ)، وكان إذا لم يجد في المسألة جواباً لمالك يجيب عنها باجتهاده. وكذا المستخرجة من الأسمعة، أو العتبية لمحمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي القرطبي (ت254هــ)، والمستخرجة: ((عبارة عن حصر شامل لمعلومات فقهية يرجع معظمها لابن القاسم العتقي، عن مالك بن أنس، وهي برواية من جاءوا بعده مباشرة؛ كما أنها تحتوي على آراء فقهية لتلاميذ مالك وخلفائه، وقد أدرج المؤلف هذه الآراء ضمن مجموعة مسائله دون أن يكون له حق الرواية)).

فالمستخرجة - إذن - هي: ((سماعات أحد عشر فقيهاً)). وقد جمع فيها الروايات المطروحة، والمسائل الشاذة. وكان العتبي حافظاً للمسائل، جامعاً لها، عالماً بالنوازل)).

المطلب الثاني

المرحلة الثانية: (ما بين القرن الرابع إلى السابع)

((الماء عندما يركد ويطول مكثه يأسن، فيتغير لونه وطعمه، ويصبح غير صالح؛ بل يضر متعاطيه والمغتسل منه، وكذلك الحياة الإنسانية إذا كبلتها القيود، وحجر فيها على الأفكار والعقول، وحورب الإبداع والاجتهاد- فإن الحياة الإنسانية تأسن، والعقول تجمد، ويشقى الإنسان بعد ذلك بنفسه وعقله، وهذا ما حصل في هذا العصر)).

ومما ساعد على هذا الجمود: اشتغال أهل العلم بمتون فقهائهم، حيث أخذت منهم جل أوقاتهم، فكان منهم من يُعنى بفك الرموز والطلاسم التي أحاطت بها؛ بُغية الاختصار، وكان الآخر يكرس وقته للتفريع، بينما يذهب غيرهم لرجزها، وشرحها، والتعليق عليها.

ولما كانت هذه الأمة - بحمد الله - تمرض ولا تموت، وتجرح ولا تذبح، فقد قيض الله لها في ذلك العصر - وفي كل عصر - من أهل العلم الذين عنوا بالتحقيق والتدقيق، فلا زالوا بحمد الله يحملون مصابيح الاجتهاد في غياهب الظلم، حتى أنار الله لهم وبهم طرقاً لم تطرق من قبلهم إلا قليلا.

((ومن هؤلاء البدور الذين أناروا سماء ليل التقليد: العز بن عبد السلام، فقد نبذ التقليد، وأعمل عقله، ودعا إلى نبذ التعصب المقيت، وهو من علماء القرن السابع توفي في سنة 660هــ))، وابن رشد الجد، وابن عبد البر، وابن حزم.

ومن الجوانب المشرقة في هذه المرحلة: تدوين العلوم الشرعية لاسيما علمي الحديث والفقه. ومدونات الفقه في هذا العصر تُعدُّ من أعظم تآليف الفقه الإسلامي، إضافة إلى ما تتحلى به من المقارنة بين المذاهب الأخرى، والاستدلال النقلي والعقلي الرصين، هذا بالإضافة إلى الاهتمام بفنين جديدين هما: القواعد الفقهية، والفتاوى.

ومن خلال هذه المرحلة ألفت أهم الكتب الأمهات، وأعظم الموسوعات، وتنافست المذاهب في هذا التسابق العلمي، مما أدى إلى تضخم كتب الفقه - كثيراً، وتشابك فروعها، واستطراداتها، وأصبح من العسير: أن تُستخرج منها مباشرة المسائل الجزئية التي قد يحتاج إليها. لذلك ظهرت في هذه المرحلة كتب النوازل كفرع مستقل من المؤلفات الفقهية، لا تشتمل إلا على المسائل التي حدثت بالفعل، ولا تتناول من المادة الفقهية إلا ما يتعلق بهذه المسائل من أحكام، مع ترك هامش مهم فيها لاجتهاد المفتي داخل فقه مذهبه؛ ليراعي ظروف النازلة والملابسات المحيطة بها، والأعراف الخاصة التي تلزم مراعاتها. وبذلك ظلت النوازل مستجيبة لمتطلبات حياة المسلمين المتغيرة حسب الظروف والأقاليم، وبقي المسلمون يتحاكمون إلى شريعة الله آمنين على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وسائر مصالحهم.

وتعددت طرائق المجتهدين من أتباع المذاهب في تأليف وتدوين هذه النوازل وفق ما تقتضيه قواعد مذاهبهم، كما تعددت أسماء هذه النوازل من جهة مكانية لأخرى.

وهذه النقلة الكبرى لحركة تدوين النوازل الفقهية؛ كان لها الأثر البالغ في نقل هذه الفترة الزمنية الجامدة من مرحلة الحضيض العلمي إلى قمة النضوج الفقهي، حيث تجلى ذلك من خلال بروز كوكبة من الفقهاء القضاة والمفتين الذين استطاعوا إبراز الحكم الشرعي في آلاف المسائل المعضلة من خلال الإلحاق على ما ثبت حكمه بالدليل النصي.

ولا يخفى أن هذه المؤلفات النوازلية هي الدعامة المؤكدة لصلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، وعندئذ لو اكتفي بالمؤلفات السابقة لكتب الفقه لما استطعنا أن نساير كل تغير وتطور أحدثته البشرية. ولا يعني ذلك التقليل من قيمة المؤلفات الفقهية القديمة، فهي الأصل والمرتكز، لكن الاكتفاء بها وسد باب التأليف في المسائل النازلة غير صحيح، فكلا المرحلتين يكمل كل منهما الآخر.

ولأجل هذه الأهمية فإننا نلحظ اهتمام متأخري أئمة المذاهب بنقل آراء أصحاب هذه النوازل من خلال كتب النوازل غالباً. فاختلاف الأزمان، وتغير الأعراف، وتطور الأحوال له أهمية عند الشارع الحكيم في تغير الفتوى.

ومن أبرز المؤلفات النوازلية في هذه المرحلة:

1#الإعلام بنوازل الأحكام لابن سهل الأسدي، أبي الأصبغ عيسى بن سهل الأسدي القرطبي (ت486هــ).

2#فتاوى ابن رشد، أبي الوليد محمد بن أحمد القرطبي (ت520هــ).

3#مذاهب الحكام في نوازل الأحكام، للقاضي عياض بن موسى السبتي (ت544هــ).

المطلب الثالث

المرحلة الثالثة: (من القرن الثامن إلى زمننا الحاضر)

أخذ الفقه في هذه المرحلة بالتخلف الشديد في شتى البقاع الإسلامية. فالظروف السياسية التي انتهت بسقوط بغداد سنة (656هــ)، وموت كثير من فقهاء الأمة نتيجة الحروب الصليبية، وتلف الكثير من المصادر العلمية بأيدي التتار، وخوف البقية الباقية على أنفسهم؛ جعل ولادة المجتهدين من أعسر ما يكون.

وحالة الضعف التي سلف بيانها كان لها أثر على تدوين النوازل الفقهية. وظهر هذا جليًا في نوازل الأندلسيين؛ بسبب الاضطرابات السياسية المتلاحقة حتى سقوط غرناطة سنة (897هــ)، وانتهت دولة الإسلام بالأندلس.

وفي القرن العاشر بسط الأتراك العثمانيون نفوذهم على المغربين الأوسط والأدنى؛ فتدنت فيهما الدراسات العربية، وزوحم المذهب المالكي بالمذهب الحنفي الرسمي للحكام الأتراك، ولم يبق عمليًا نشاط لفقه النوازل إلا في المغرب الأقصى الذي سلم من الأتراك، وقامت فيه دولة الشرفاء السعديين ثم العلويين حماة المذهب المالكي فنفقت سوق الفقه إلى جانب العلوم الأخرى. ولذلك سنرى تراكم كتب النوازل المغربية ابتداء من القرن الهجري العاشر، حتى إنه ألف فيما يعرف منها بمنطقة سوس الجنوبية (المتاخمة للصحراء) وحدها ما ينوف على الستين كتاباً، ناهيك بالحواضر العلمية الكبرى والمناطق الأخرى.

((وعندما محَّص الله مسلمي الأندلس بسقوط آخر معاقلهم، وانطواء بساط علومهم بمملكتهم الغرناطية، تجلى الاستعداد التام لدى أعلام المغرب الذين تربطهم بإخوانهم الأندلسيين أقوى روابط الدين والعلم ووحدة الهدف والاشتراك في المسؤولية لمواصلة السند العلمي الأندلسي، وتلقف معارفهم، والعناية بها، كما آووا مهاجريهم، وأكرموا علماءهم)).

ومن أبرز كتب هذه المرحلة:

1#جامع مسائل الأحكام مما نزل بالمفتين والحكام، للبرزلي أبي القاسم بن أحمد القيرواني (ت841هــ).

2#المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب، للونشريسي أحمد بن يحيى الونشريسي (ت914هــ).

3#نوازل ابن سودة، محمد التاودي بن الطالب المري الفاسي (ت1209هــ).

4#النوازل الكبرى، للوزاني أبي عيسى محمد بن المهدي بن محمد الوزاني العمراني الفاسي (ت1266هــ).

المبحث الخامس

خصائص مؤلفات النوازل الفقهية

عند فقهاء المالكية المغاربة

تتميز النوازل الفقهية بعدة خصائص لا يشاركها فيها غيرها من الفنون الأخرى. ودراسة هذه الخصائص تعد الوجه المشرق للشريعة الإسلامية بعامة، والفقه الإسلامي بخاصة.

فمن خلالها نرى واقعية الفقه، ومسايرته لتطور الحياة، وتغير أنماطها، وقدرته على حل كل ما يعترض المسلمين من صعوبات ومشكلات.

كما نرى مراعاة أحوال المكلفين، وتغير عاداتهم وأعرافهم، ويظهر هذا - جليًا - من خلال ما يسمى بفقه المقاصد، ومراعاة الأعراف.

يضاف إلى هذا كله التنوع الظاهر في التأليف، والتجدد المستمر للمسائل المختلفة.

وإليك هذه الخصائص بشيء من التفصيل:

المطلب الأول

الواقعيــــــــــــــــــــة

تتميز النوازل - عموماً - بالواقعية؛ نظراً لتعلقها بقضايا ومسائل وقعت ونزلت بالفعل. وترتبط نوازل المالكية - بصفة خاصة بهذه الواقعية ارتباطاً شديداً - منذ عهد التأسيس؛ حين كان الإمام مالك يستنكف عن الخوض في الفرضيات.

ولهذا لما رحل أسد بن الفرات (ت213هــ) إلى المدينة ولقي الإمام مالكًا (ت179هــ)، وسأله عن بعض الأسئلة التي لم تنزل، فما كان من الإمام مالك إلا أن قال له: ((هذه سليسلة بنت سليسلة، إن أردت هذا؛ فعليك بالعراق)).

((وسأله رجل عراقي عن رجل وطيء دجاجة ميتة فخرجت منها بيضة فأفقست البيضة عنده عن فرخ، أيأكله؟ فقال مالك: سل عما يكون، ودع ما لا يكون... وكان أصحابه يحتالون أن يجيء رجل بالمسألة التي يحبون أن يعلموها كأنها مسألة بلوى فيجيب فيها)).

ولذلك كان من الطبيعي أن تكثر نوازل المذهب المالكي الذي يرتكز فقهه على الواقعية. وهي تختلف - أساساً - عن الافتراضات النظرية التي طالما شعبت الفقه وضخمته وعقدته. فكانت الأحداث التي عاشها الناس في الجناح الغربي من العالم الإسلامي - مصطبغة بالصبغة الواقعية المحلية، ومتأثرة بالمؤثرات الوقتية - مَدعاة إلى اجتهاد الفقهاء؛ لاستنباط الأحكام الشرعية الملائمة عن طريق استقراء النصوص الفقهية القديمة ومقارنتها وتأويلها.

فنوازل المعيار والبرزلي - بخاصة، وغيرهما بعامة - لها قيمة حقيقية في حلول كثير من مشكلات عصرهم، وأهل زمانهم، إذ هي حلول لمعضلات نزلت بأهل بلادهم، سواء أكانت هذه النوازل مما يتعلق بأمور العبادات، أم بأمور المعاملات.

ولهذا نجد أن هذه النوازل تختلف من ناحية الموضوع، فمنها: ما يتصل بالفقه، وهو الغالب، ومنها: ما يتعلق بمسائل العقيدة، وهي قليلة بالنسبة لغيرها من مسائل الفقه، فنجد المسائل النازلة في بعض الفرق، والمذاهب الكلامية، والطرق الصوفية، حيث يكثر السؤال عنها؛ نتيجة عدم معرفة هذه المسائل. وقد ساعد على إيجاد هذه الطرق والمذاهب قيام بعض الدويلات في المغرب الإسلامي، التي اعتقد بعض أمرائها بعض المسائل العقدية وساعد على نشرها، وقد تكون هذه الآراء غريبة على أهل تلك البلدة؛ مما حدا بهم إلى السؤال عنها.

ومن النوازل الفقهية: ما يتعلق بمسائل العبادات بدءاً من كتاب الطهارة وانتهاءً بكتاب الفرائض والكتاب الجامع، كما هو الحال في ترتيب الأبواب عند المالكية.

ومن الأمثلة على ذلك: ما جاء في نوازل الطهارة من كتاب المعيار للونشريسي: (الصلاة في ثوب الملف الذي نسجه النصارى) حيث سئل الفقيه الحافظ سيدي أبو العباس أحمد القباب عن حكم الصلاة بالملف الذي نسجه النصارى قبل غسله، وذلك أنهم يجعلون فيه شحم الخنزير، وبعد الغسل لما يبقى فيه من الرطوبة الناشئة عن الشحم، والماء لا يزيلها.

ومن الأمثلة على نوازل المعاملات: ما يتعلق بالنكاح، حيث ورد في نوازل العلمي: ((سئل أبو مهدي عيسى بن علي الشريف - رحمه الله - عن امرأة زنى بها رجل فحملت، ثم إن الرجل تزوجها بولي وصداق، فبقيت خمسة أشهر من يوم العقد ووضعت الحمل، فعزلته الجماعة عنها، هل يتأبد عليه التحريم لكونه عقد على امرأة في استبرائها، فلا تحل له أبداً؟ أو يجوز له أن يعقد عليها بنكاح جديد بولي وصداق وشاهدين؟ وهل الولد لاحق به أم لا؟ وإن قيل: بصحة العقد ما يكفي في استبرائها؟ هل وضع حملها؟ أو لابد من ثلاثة أقراء؟)).

ومن الأمثلة على نوازل الجهاد الواقعية: ما قام به الأمير عبد القادر الجزائري من الاستفتاء بالمراسلة للشيخ علي التسولي، حيث ضمن رسالته بعض الأسئلة المتعلقة باستعمار الفرنسيين للجزائر، وفي مقدمة هذه الرسالة يقول: ((...جوابكم- أبقاكم الله- فيما عظم من الخطب، واشتد من الكرب، بوطن الجزائر الذي صار لقربان الكفر جزائره، وذلك أن العدو الكافر يحاول ملك المسلمين - مع استرقاقهم - تارة بالسيف، وتارة بحبال سياستهم، ومن المسلمين: من يداخلهم ويبايعهم، ويجلب لهم الخيل، ولا يبخل من دلالتهم على عورات المسلمين، ويطالعهم، ومن أحياء العرب المجاورين لهم: من يفعل ذلك، ويتمالؤون على الجحود والإنكار، فإذا طولبوا بتعيينه جعجعوا، والحال أنهم يعلمون منهم الأعين والآثار. فما حكم الله في الفريقين في أنفسهم وأموالهم؟ فهل لهم من عقاب، أم يتركون على حالهم؟ وما الحكم فيمن يتخلف في المدافعة عن الحريم والأولاد إذا استنفر نائب الإمام الناس للدفاع والجلاد؟ فهل يعاقبون؟ وكيف عقابهم، ولا يتأتى بغير قتالهم؟ وهل تؤخذ أموالهم وأسلابهم؟....)).

وكتب نوازل الجهاد أكثر من أن تحصى، وذلك بسبب كثرة الحروب التي وقعت بين المسلمين والنصارى في الغرب الإسلامي عموماً وفي بلاد الأندلس خصوصاً. وممن ألف في هذا المجال: الكردودي الفاسي في كتابه: ((كشف الغمة))، ومنهم: محمد بن إدريس، الوزير الشهير، والوزير محمد المكناسي.

المطلب الثاني

الطابــــــــــع المحلــــــي

ظاهرة الطابع المحلي في كتب النوازل من أبرز خصائصها، فهي لا تبقى سابحة في المطلق كما هو الشأن في كتب الفقه العامة، وإنما تتحدد مسائلها في المكان والزمان والموضوع، بحسب ما تأتي به الأسئلة التي تنبني عليها، وما تطرحه من مشاكل دينية واجتماعية وسياسية واقتصادية. وبذلك فإن المهم بالدرجة الأولى - من هذا المنظور - ليس هو الجواب الفقهي، وإنما السؤال الذي يأتي بتفاصيل النازلة، ويذكر أسماء الأطراف المعنية، وحتى تاريخ النازلة أحياناً.

ويظهر هذا الأمر في غاية الوضوح في أسماء هذه الكتب التي تشير إلى وقائع بلدة ما، أو أسماء المستفتين، ونسبهم، وقريتهم، وما يتبع ذلك من ظروف معيشية وبيئية، مما يدل على أن السِّمة المحلية هي الغالبة على هذه النوازل، وهذا يعني أن الفتاوى التي صدرت كانت تعايش أحوال الناس، وتلامس ظروفهم؛ مما يعطيها مزيداً من القبول.

ومن المقرر لدى علماء الفقه والأصول: أن فقه الواقعة والواقع المحيط بها دليل على قرب إصابة الناظر فيها للحكم الشرعي، متى ما توافرت بقية الضوابط.

وهذه السمة تختلف عن الأحكام المقررة في كتب الفقه والتي تسرد أحكاماً عامة، قد لا تناسب كل مكان وكل زمان.

فهناك قرائن وأمارات تحيط بالنازلة يلزم الناظر معرفتها، فقد يختلف الحكم في النازلة من مكان لآخر، ومن زمان لغيره، ومن أناس لآخرين، حسب ما يقتضيه المقام.

ولهذا قعدت القاعدة المشهورة: ((لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان)).

وفي هذا المعنى يقول ابن القيم -رحمه الله-: ((ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم إلا بنوعين من الفهم:

أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات؛ حتى يحيط به علماً.

والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع)).

ومن أجل ذلك اختلفت فتاوى أتباع المذاهب عن فتاوى أئمتهم بسبب تغير الأزمان، وتبدل الأحوال.

ولهذا فإن هناك تأثيراً للظروف الجغرافية والبيئية في صياغة الأحكام الشرعية، على أن هذا التأثير هو في الحقيقة تحقيق لمناط الحكم الشرعي وتحصيل لمقاصده.

ولا يخفى أن للمناطق الباردة خصوصياتها، وكذا المناطق الحارة، وإن إجراء الأحكام التي لا يمكن تحقيق مناطها إلا باعتبار هذا الجو الطبيعي، يكون فيه إجحاف ومشقة للمكلف، ولهذا نجد الفقهاء يتعاملون مع هذه الظروف الطبيعية في أبواب كثيرة من الفقه، كإقامة الحدود على الجاني، فإنه لا يحد في وقت شديد البرودة ولا في وقت شديد الحرارة؛ بل يلتمس الجو المعتدل مخافة أن يهلك الجاني.

وكذلك فيما يتعلق بالتيمم واستعمال الماء أثناء البرد من مكان لآخر، واختلاف وقت الليل عن النهار بصورة غير طبيعية؛ كأن يكون الليل أو النهار أربع ساعات أو أقل من ذلك.

كما أن لاختلاف البيئة والإقليم - بداوة وحضراً - أثراً في تغير الحكم الشرعي، ومن أمثلة ذلك: ما قاله الإمام مالك: ((الضيافة إنما تتأكد على أهل القرى (البادية)، ولا ضيافة في الحضر؛ لوجود الفنادق وغيرها، ولأن القرى يقل الوارد إليها فلا مشقة بخلاف الحضر)).

ومن ذلك: شهادة البدوي للحضري، حيث منعها الفقهاء إلا أن يكون البدوي ممن يديم الاختلاف إلى الحاضرة، ويخالط الناس، ويشهد المجالس والمشاهد، فإنه كالحضري، وقيل: بمنع شهادة أحدهما للآخر، إلا في الجراح والقتل والزنا والشرب والشتم، وما أشبه ذلك؛ مما لا يقصد إلا الإشهاد عليه.

والحاصل مما سبق: هو إبراز هذه الخصيصة القيمة في علم النوازل الفقهية، والتي يظهر من إبرازها عظمة التشريع الإسلامي، ومسايرته لمصالح الناس على مختلف أحوالهم وبيئاتهم، واختلاف عاداتهم وتقاليدهم؛ ما لم يصادم ذلك نصاً صحيحاً صريحاً.

وهذا الفهم يتضح من خلال معرفة المفتي لمقاصد الشريعة الإسلامية، ومدى مراعاتها لأحوال المكلفين، وعدم المشقة عليهم.

ولعل مما يحسب لفقهاء المالكية المغاربة: تميزهم في علم المقاصد؛ بل ويضاف إلى ذلك بلوغ هذا العلم القمة في زمن كثرت فيه الفتن والتقلبات السياسية؛ مما يدل على براعة المالكية المغاربة في هذا الفن الذي يحتاج إليه في النوازل أكثر من غيرها. وأعني بمرحلة القمة تأليف الشاطبي -رحمه الله- كتابه الموافقات حيث ((لمع نجم الشاطبي منذئذٍ بالمشرق في هذا الأفق العلمي، ثم أخذ يزداد سطوعاً حتى أصبح يُستضاء به في بحوث أصول الشريعة ومقاصدها، وتوضح به المَحَجَّة، وتقام بما فيه الحُجَّة)).

ومن أبرز تلك المؤلفات النوازلية التي تؤكد هذه الخصيصة:

1#الأجوبة الناصرية في بعض مسائل البادية، لابن ناصر الكبير (ت1085هــ).

2#الجواهر المختارة مما وقفت عليه من النوازل بجبال غمارة، لعبد العزيز الزياتي (ت1055هــ).

3#الدرر المكنونة في نوازل مازونة، لأبي زكريا المزوني (ت883هــ).

4#نبراس الإيناس بأجوبة سؤالات أهل فاس، لبرهان الدين الكوراني (ت1101هــ).

5#النوازل التلمسانية، لأبي عثمان قدورة.

6#النوازل بجبل غمارة، لعبد العزيز الزياتي (ت1055هــ).

7#نوازل علماء جزولة، جمعها ابن عبد السميع.

8#نوازل بردلة، لمحمد العربي بن أحمد الأندلسي الفاسي (ت1133هــ).

9#فتاوى تتحدى الإهمال في شفشاون وما حولها من الجبال، جمع/ محمد الهبطي المواهبي.

10#أجوبة سبعة في حكم ما تقوم به قبيلة الحيَايْنة من قطع الطرقات، لأبي الربيع سليمان العلمي الحوات الشاوني (ت1231هــ).

11#فتاوى في الأعراف البربرية، لابن غازي المكناسي، خ. الخزانة الحسنية بالرباط، رقم: 9713ب.

12#مختصر الفصول في أجوبة فقهاء القرويين لمسائل أهل البادية، ليَعْلَى بن مصلين الرجراجي، خ. الخزانة الناصرية بتمكَروت بالمغرب، رقم: 3057ج.

المطلب الثالث

التجــــــدد المستمــــر

تتميز النوازل الفقهية بالتجدد المستمر الذي لا يقف عند حد؛ ذلك أن لكل نازلة زمانها ومكانها، ومصالحها ومفاسدها، مع اختلاف أحوال المكلفين وبيئاتهم؛ مما يجعل السؤال عن مسألة واحدة يختلف في بعض جوانبه من شخص لآخر.

فهي ليست متناً فقهياً يحفظ ويُدرَّس ويشرح لكل الناس، ويستوي الحكم للناظر فيه من أول وهلة للجميع.

ويعد هذا التجدد المستمر هو الوجه المشرق للفقه الإسلامي الذي استطاع - بفضل الله وكرمه - أن يواكب حياة الناس، ويساير اختلاف أحوالهم، رغم التطور الذي أفرزته الحياة المادية من حقبة زمانية لأخرى.

ولما كانت النصوص محدودة، والنوازل غير معدودة أوكل الله أحكام هذه النوازل لقرائح المجتهدين - بحثاً ونظراً - في أنوار التنزيل الحكيم، والقبسات النبوية المطهرة، ومن خلال القواعد العامة المقررة، ومراعاة المقاصد، فسايرت الشريعة الإسلامية بذلك كل تغير وتطور.

وهنا لا نستطيع أن نحصر مؤلفات بعينها للتمثيل على هذه الخصيصة؛ لأن جميع كتب النوازل توضح هذه الخصيصة، فكل كتاب يختلف طرحه وعرضه عن غيره من الكتب. وإذا أردنا أن نتجوز في التمثيل فإننا سنذكر- على سبيل المثال- مثالاً ظاهراً للعيان: هو مؤلفات فقهاء المالكية المغاربة المتعلقة بالجهاد.

فهذا محمد بن عيسى بن المناصف (ت620هــ) يستجيب في كتابه ((الإنجاد في أبواب الجهاد)) لرغبة أمير بلنسية محمد ابن أبي حفص عمر بن أمير المؤمنين عبد المؤمن الموحدي الذي ولي إمرتها سنة (607هــ)، في تأليف هذا الكتاب، ولكنه جدد في تأليفه على نسق يختلف عن غيره.

وهذا التسولي (ت1258هــ) يجيب عن أسئلة الأمير عبد القادر الجزائري بأسلوب، وتقسيم، وعرض لا يشابه غيره.

ومسائل الجهاد تعرض نوازلها في أمهات النوازل في تجدد مستمر، كما في المعيار للونشريسي، وفتاوى البزلي وغيرهما.

المطلب الرابع

تنــــــوع التأليــــف

تختلف كتب النوازل فيما بينها شكلاً ومضموناً. فمن حيث الشكل نجد بعضها من تأليف الفقيه الذي كتب الفتاوى، وهو حال غالب كتب النوازل، وبعضها تركه المفتي مشتتاً في أوراق أو مجموعة كراريس، جمعها في حياته أو بعد وفاته أحد أبنائه أو تلامذته، كما هو الشأن في مسائل ابن زرب التي جمعها صاحبه يونس بن عبد الله ابن الصفار، وفتاوى ابن رشد التي جمعها تلميذاه أبو الحسن ابن الوزان وأبو مروان ابن مسرة، ومذاهب الحكام للقاضي عياض التي جمعها ولده محمد، والنوازل الصغرى والكبرى لأبي السعود الفاسي، حيث جمعها بعض تلامذته، والأمثلة على ذلك كثيرة.

وقد يجمعها من يأتي بعده بفترة زمنية، كما هو الحال في فتاوى الشاطبي التي حققها وقدم لها الأستاذ الدكتور/محمد أبو الأجفان، حيث جمع كمّاً.

منها: من موسوعة ((المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب)) لأبي العباس أحمد الونشريسي، وكانت البقية من التراث النفيس الذي لم يكتب له النشر، وإنما تضمنتها بعض الكتب الأندلسية.

ومنها: مجموعة فتاوى بمكتبة الأسكوريال الإسبانية، لا يعرف جامعها، ومجموعة أخرى للقاضي الأندلسي أبي الفضل ابن طركاظ الذي أورد نصوصها المشابهة لنصوص مجموعة الأسكوريال مع نوع من الاختصار يؤدي إلى حذف عبارات من أول الفتوى ومن آخرها، دون أن يؤثر على معنى الحكم الشرعي المشتملة عليه.

وتجمع بعض الفتاوى المختلفة في الموضوع أو المتحدة فيه لجمع من العلماء في القطر الواحد في مؤلف واحد، كما في الأجوبة النفيسة في الفقه لبعض فقهاء غرناطة.

هذا من حيث طريقة التدوين. أما من حيث مضمون هذه الكتب فإنه يختلف من مُؤَلَّف لآخر.

فبعض هذه الكتب يشمل جميع أبواب الفقه أو أغلبها وهذا هو الغالب كما في المعيار للونشريسي، والنوازل للعلمي، وفتاوى ابن رشد، وفتاوى الشاطبي.. وغيرها.

وهناك بعض آخر يقصره مُؤَلِّفه على باب واحد أو بابين من أبواب الفقه كما في كتاب أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر الجزائري في الجهاد، والأجوبة المرضية عن مسائل مرضية في البيع بالثنيا والوصية، لعمر بن عبد العزيز الكرسيفي.

ومنهم: من يفرد التأليف لنوازل صنف من الناس كأهل البادية، أو لأهل بلدة معينة، كما في الأجوبة الناصرية في بعض مسائل البادية، لابن ناصر الكبير، والجواهر المختارة مما وقفت عليه من النوازل بجبال غمارة، لعبد العزيز الزياتي، ونبراس الإيناس بأجوبة سؤالات أهل فاس، لبرهان الدين الكوراني، وفتاوى تتحدى الإهمال في شفشاون وما حولها من الجبال، جمع/ محمد الهبطي المواهبي.

المبحث السادس

منهج فقهاء المالكية المغاربة في تلقي (تحمل)

الأسئلة عن النوازل والإجابة عنها

يختلف أصل المادة العلمية لكتب النوازل عن غيرها من الكتب الفقهية الأخرى؛ فمادة كتب النوازل هي عبارة عن استجلاء رأي الإمام أو المفتي في أمور واقعية حدثت لأفراد أو مجتمعات ما في مسائل دينية أو دنيوية. بينما مادة الكتب الفقهية الأخرى هي عبارة عن دراسة لمواد فقهية مختلفة (متن - منظومة - شرح - حاشية) دون سابق سؤال عن حادثة من الحوادث، فهي رغبة ذاتية من المؤلف في خدمة مذهبه، أو شرح كتاب شيخه، أو اختصار مطول لطلبته...

ولعل من بركة كتب النوازل: الاستفادة من منهج مؤلفيها في تحمل هذه الأسئلة والإشكالات، وآداب الاستفتاء، وطرقه، وأساليبه، وملحقاته، ثم معرفة المنهج الفقهي العملي الذي سلكه الفقهاء في الإجابة عن هذه النوازل.

وقد يقول قائل: إن هذه الأمور قد بسطها علماء الأصول في مباحث الفتوى، كما بسطها غيرهم من الفقهاء في كتب مستقلة عن آداب الفتوى، وآداب طالب العلم، وبناء على ذلك لا جديد في هذه المسألة في كتب النوازل!

والجواب عما سبق هو أن يقال: إن في الدراسة العملية المتنوعة من الفوائد ما لا يوجد في غيرها من الكتب التي تحكي جانباً نظرياً بحتاً. فكتب النوازل تحكي ظروفاً سياسية صعبة للغاية، وبيئات اجتماعية مختلفة تماماً، وأنماطاً سلوكية متباينة، وفي كل ظرف من هذه الظروف ترى حسن التعامل من قبل المفتي في تحمل هذه الفتوى، والتعاطي الإيجابي مع تلك الواقعة، مما يجعل كل واقعة من الوقائع درساً عملياً فريداً في ذاته للأجيال القادمة من مفتين ومستفتين.

ومن خلال استقرائي لبعض كتب النوازل الفقهية لفقهاء المالكية المغاربة، استطعت أن أحصر أهم النقاط المتعلقة بمنهجهم في تلقي هذه الأسئلة (النوازل)، ومن ثمَّ إصدار الفتاوى الشرعية في حكمها.

المطلب الأول

طريقة عرض السؤال على المفتي

يمكن معرفة كيفية ورود النوازل على المفتي من خلال النقاط الآتية:

1- الناظر في النوازل:

إضافة إلى المفتين الذين يتلقون الأسئلة- كما هو الحال في سائر الأقطار الإسلامية- توجد خصوصية لنوازل المغرب والأندلس حيث نعثر على صنف آخر من النوازل يدعى ((نوازل الحكام)) وهو خاص بكبار شيوخ الفقه والفتوى المشاوَرين- بفتح الواو- لأن القضاء في هذه المنطقة الغربية كان مبنياً على خطة الشورى؛ حيث يعين الخليفة أو الأمير إلى جانب كل قاض من قضاة الحواضر مشاوَراً أو أكثر يستشيره القاضي- كتابة- في المسائل التي ينظر فيها بين الخصوم.

2- دواعي السؤال عن النازلة:

لم تأت المسائل النازلة من فراغ، وإنما كانت وليدة أحداث جدت في تلك العصور. ومن أبرز تلك الواقعات والمستجدات: العلاقة بين المسلمين والنصارى في الأندلس وما جاورها، والحروب المستعرة بين المغرب الإسلامي عموماً ومن جاورهم من أهل الكتاب، إضافة إلى الأحوال المعيشية المتطورة التي شغلت بال الأندلسيين والمغاربة.

3- أسلوب عرض السؤال على المفتي:

تعددت الأساليب التي تعرض من خلالها الأسئلة على النوازلي، إلا أن هذا التعدد لا يخرج عن كونه أساليب بدائية كانت تناسب أزمانهم.

ولا تخرج هذه الأساليب عن الصور الآتية:

أ#العرض الشفهي المباشر من السائل نفسه، أو من متخاصمين في مجلس القضاء.

ب#العرض الشفهي بالواسطة بين السائل والمفتي.

جــ#السؤال عن طريق المكاتبة بين السائل والمفتي.

4- صيغة السؤال عن النازلة:

تعددت صيغ الأسئلة الموجهة للمفتين عن المسائل النازلة. ولكن يمكن حصر جوانب هذه الصيغ- في الغالب- في النقاط الآتية:

أ#البدء بالبسملة، والحمدلة، والصلاة والتسليم على الرسول الكريم .

ب#الثناء على المفتي، وتقديره والدعاء له. كما احتوت على توقير العالم، وذكر نعوته الكريمة.

جــ#اشتمال نص السؤال على أحداث سياسية، وأوضاع اجتماعية واقتصادية، وأماكن تاريخية، وحوادث زمانية لا تقل أهمية عن السؤال نفسه.

د#ذكر اسم السائل ووظيفته أحياناً. فالأسئلة تصدر عن أمراء، وعلماء، وعمال، وطلبة علم، وعامة الناس.

هــ#الغالب على الأسئلة النازلة: أنها من المسائل الفقهية. ويحدث أحياناً ورود أسئلة في العقيدة والحديث والتفسير والنحو وغيرها من الفنون.

و#بعض الأسئلة من داخل المدينة وبعضها الآخر من مدن مجاورة.

المطلب الثاني

طريقة جواب المفتي على المسائل النازلة

يمكن معرفة ما يتعلق بطريقة الجواب عن النوازل من خلال دراسة النقاط الآتية:

1- قيمة الفتاوى:

تُعد إجابة فقهاء المالكية المغاربة على المسائل النازلة بمثابة المدونات الفقهية التي تبين منهجهم التطبيقي في تقرير الأحكام الشرعية في القضايا التي عرضت عليهم واستُفتُوا فيها، وسجل ناطق بآراء أصحابها، ومذهبهم في فهم الفقه المالكي بخاصة والفقه الإسلامي بصفة عامة، وتصنيف عملي يظهر حفظ أصحابها وتبحرهم، ويبرز إحاطتهم بالروايات، واطلاعهم على المؤلفات، ووقوفهم على الخلافيات، ويبين مدى وثوق السائلين - بمختلف أصنافهم، ومتنوع فئاتهم الاجتماعية - بما حرره الفقهاء المفتون في النوازل.

وهذا الاهتداء بهدي المفتي، والاستجلاء برأيه لا يقف عند حدود زمنية معينة، فهو يمتد إلى ما شاء الله من القرون التي تليه، ونحن - بحمد الله - ما زلنا نغرف من معين أسلافنا، فكم من مسألة كنا نظن أنه لم يسبق فيها نظر فقهي، وما هي إلا سنوات حتى تتجلى لنا مؤلفات مفردة في هذه المسألة.

((وهذه الإجابات تعطي للفقه الإسلامي حركة من طراز لا نجده في التآليف التي تتشابه في العرض والتنظيم أو تختلف، ولكنها في النهاية تتلاقى في بسط الأحكام، وطرق المعلومات)).

2#صيغة الجواب من المفتي:

لا تخرج طريقة عرض الإجابة للسائل عن إحدى الحالات الآتية:

إما أن تكون شفهية في مجلس قضاء أو إفتاء، مباشرة أو بالواسطة، والغالب أن تكون مباشرة، أو تكون بالمراسلة بين السائل والمفتي.

3#البدء بالبسملة، والحمدلة، والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، والختم باسم المفتي وإمضائه أو ختمه؛ حتى يتأكد من صدق كونها من المسؤول نفسه، لا من غيره.

4#كيفية عرض المسائل المسؤول عنها:

تختلف - في الحقيقة - طرق عرض المسائل المسؤول عنها. فبعض المفتين يعرض نص السؤال مرة أخرى، إما شفهياً؛ للتأكد منه ولأجل تذكير السائل ببعض حيثيات السؤال التي ربما غفل عن إيرادها، وإما كتابياً وخطياً؛ لتذكير السائل بها، ولئلا يظن أنه قد سأل عن أمور أخرى، وحتى لا يُدخل أسئلة أخرى يظن أنها تشترك في الإجابة مع هذا السؤال، وبعضهم - كما هي الحال في البرزلي - ((يعرض السؤال الذي وجه إليه أو إلى أحد من شيوخه أو إلى علم من رجال المذهب، ثم يورد الجواب من عنده إذا كان السؤال قد وجه إليه، أو الجواب الذي أجاب به المسؤول من الشيوخ، ثم يعقب على ما ينقله تعقيباً يختلف باختلاف موقفه من القضية. فإذا وجد نقصاً في جواب غيره أكمله بدليل قياسي أو نقلي، وإذا خالف رأي المسؤول عقَّب عليه بالرد والدحض المعتمد على الحجة أيضاً، وإذا وجد في جواب غيره كفاية انتقل إلى مسألة أخرى. وكثيراً ما يستدل على القضية بمواقف السلف الصالح ومواقف شيخه ابن عرفة وأحكامه التي أمضاها)).

والإحالة على فتاوى من سبقهم من شيوخهم أو شيوخ شيوخهم أو غيرهم هو من باب الاستئناس والاستهداء بآراء من سبقوهم، وهو مما يزيد الفتوى قوة، وهو كثير، فمن ذلك: ما كان يصنعه القاضي عياض حينما كان يلتقي بشيخه ابن رشد في قرطبة ويسأله عن كثير من المعضلات التي عرضت له، فكان يستطلع آراء شيخه، ويستوضح مذهبه، ويطلب منه أن يشرح له ما خفي عليه من دقائق الفقه، ومتشابه المسائل، ومختلف الروايات.

5#مصادر الفتاوى:

لا شك أن سلفنا الصالح ممن عرضت عليهم النوازل الفقهية كانوا يفزعون إلى المصادر الأصيلة المتفق على حجيتها (القرآن والسنة والإجماع والقياس).

ثم كانوا يعتمدون على كثير من المصادر الأخرى، سواء أكانت من كتب الحديث بمختلف علومه أم من كتب الفقه المالكي خصوصاً، أم من كتب الفقه المقارن عموماً، أم من كتب اللغة والأصول، أم التاريخ أم غيرها. ولم يلتزم المفتون ذكر المصدر في كل مسألة أفتوا بها، وإنما يذكرونها - أحياناً - لدعم اتجاههم في الفتوى، أو لإحالة المستفتي عليها للتثبت، أو لمزيد من التوسع في فهم الجواب.

وعلى سبيل المثال نجد أن لابن رشد في فتاويه كمّاً هائلاً من المصادر المتنوعة - بالإضافة إلى الكتاب والسنة - فنجد مثلاً: المدونة لسحنون، والعتبية للعتبي، ومختصر ابن عبد الحكم، والواضحة لابن حبيب، والموازية لابن المواز، والإيجاز في الناسخ والمنسوخ لمكي ابن أبي طالب، والإعلام في نوازل الأحكام لابن سهل.

ومن مصادر البرزلي في فتاويه: المدونة، والموازية، والعتبية، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني، وكبار كتبه: كالنوادر، والزيادات، وتهذيب البراذعي، ومؤلفات ابن الحاجب وغير ذلك.

ومن مصادر التسولي: فتاوى ابن رشد، والتلقين للقاضي عبد الوهاب، والمستصفى للغزالي، وتبصرة الحكام لابن فرحون، وأحكام القرآن لابن العربي، وتفسير ابن عطية، والكشاف للزمخشري.

6#الإفتاء من المذهب المالكي:

ظهر لي من خلال تصفحي لكثير من كتب نوازل المالكية التزامهم بمذهب الإمام مالك، وربما خرجوا أحياناً عن القول المشهور في المذهب، إلا أنهم لم يخرجوا من المذهب كلية، حيث إنه ترجح لديهم قول آخر، أو رواية أخرى في المذهب.

وقد سئل ابن أبي زيد: عمن لم يستبحر في العلم ونظر المدونة والموطأ والمختصر ونحو ذلك إذا سئل عن نازلة، هل يفتي بما رأى فيما نظره من الدواوين المذكورة لمالك، أو لغيره من أصحابه، أو اختيار سحنون، أو ابنه أو ابن المواز؟

فأجاب: ((إن وجد النازلة في أحد هذه الكتب أفتى بها وحمل نفسه عليها إن نزلت به، وكذلك إن وجد مثلها لابن القاسم أو نظرائه، أو لم يجدها إلا لسحنون وابنه أو ابن عبدوس أو أصبغ أو ابن المواز وشبهه، فإن اختلف فيها أصحاب مالك ولا لأحد فيها اختيار من هؤلاء مثل سحنون ومن ذكر معه من المتقدمين، فله الفتيا بما اختاره أحد هؤلاء، لاسيما أنك قلتَ: والبلد عارٍ، ولا يرده إلا لمن هو دونه، أو من يحمله على غير مذهب أهل المدينة)).

وعدم خروجهم عن المذهب في الإفتاء لا يعني عدم ذكرهم للمذاهب الأخرى، فهم وإن كان الأصل التزامهم بالمذهب ورواياته المتعددة، وتفريعاته المختلفة، وأقوال فقهائه المتنوعة، إلا أنهم - أحياناً - يدعمون أقوالهم بأقوال المذاهب الأخرى، وهو في الحقيقة قليل.

ويمكن تلخيص تعاملهم مع المذهب بالآتي:

1#التزام نصوص المذهب، وعدم الخروج عنها إلى غيرها إلا ما كان على سبيل الاستئناس عند من تهيأت له متانة العلم من المفتين، كابن العربي والتسولي.

2#الإفتاء بالقول المشهور في المذهب وعدم الخروج عنه إلا فيما ندر.

3#طغيان طابع التقليد في الإفتاء، وندرة طابع الاجتهاد.

7 - الإفادة من جوانب أخرى:

من الأمور المقررة في الفتوى: ما يتعلق بإفادة السائل عن أمور أخرى لم يهتد إليها، ولم يسأل عنها، وربما قد يحتاج إليها في المستقبل ولا يجد من يسأله.

ولعل الأصل في ذلك هو فعل النبي عليه الصلاة والسلام حينما سئل عن طهورية ماء البحر، فأجاب عن هذا السؤال، وزاده أمراً آخر قد يحتاج إليه، بل ولابد من ذلك لا سيما وهو مسافر في البحر، وهو عن حكم ميتة البحر. فهذه المسألة بالتأكيد سيحار فيها السائل، ولكنه لم يتفطن إلى السؤال عنها، فأجابه عليه الصلاة والسلام بقوله: ((هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)).

وقد سلك المفتون في النوازل هذا المنهج؛ فعلى سبيل المثال: كتاب أجوبة التسولي على أسئلة الأمير عبد القادر الجزائري فقد ((امتاز هذا الكتاب بالشمولية، فإلى جانب كونه مؤلفاً جهادياً مستقلاً تتناول فيه مسائل ذات أهمية بالغة، ناقش فيه - أيضاً - بعض القضايا التي لها صلة بالجهاد، وجعل لها فصولاً مستقلة، فتعرض لقضية عقوبة العاصي بالمال، وعقوبة مانع الزكاة، وأخذ الغير بجريرة قومه، وغيرها)).

8 - استعمال اللهجات المحلية:

تنحرف- أحياناً- عبارات المفتين أنفسهم عن الأسلوب الفصيح، لاسيما عندما يتحدثون مع من يسألهم عن الأعراف والعادات المحلية. ولذلك نجد- مثلاً- في المعيار كثيراً من الكلمات الدارجة الملحونة مثل: ((باطلاً)) أي: مجاناً بدون مقابل، و((أصاب)) بمعنى: وجد ولقي، و((نتعوج)) بمعنى: ننحرف، و((عبَّاه)) بمعنى: ذهب به، وحمله معه، وغير ذلك.

9- الاختصار في الجواب:

قد يكتسي الجواب صبغة الاختصار، وربما لا يزيد على سطرين؛ لأن التفصيل - أحياناً - لا يفيد المستفتي، لا سيما فيما يتعلق بالنقول، والأسماء، وغير ذلك.

المبحث السابع

مناهج كتب النوازل عند فقهاء المالكية المغاربة

على الرغم من اتفاق مضمون كتب النوازل- وهو إبراز الحكم الشرعي في القضايا المختلفة الحادثة- إلا أنها اختلفت في جوانب عدة، مما أدى إلى تنوع أسلوب ومنهج هذه الكتب. وهذا الاختلاف في كتابة وتأليف النوازل ولد أشكالاً متفرقة، يحسن ذكرها.

فبعد الاستقراء والتتبع تبين أن مناهج فقهاء المالكية المغاربة في تأليف كتب النوازل تعود إلى أحد الأصناف الرئيسة الآتية:

الصنف الأول: هي الكتب التي يؤلفها أحد الفقهاء المفتين، فيجمع فيها أجوبته، وأجوبة غيره- من معاصريه أو السابقين له- من مختلف البلاد، ويرتبها على ترتيب أبواب الفقه، فيأتي ديوانه كبيراً جامعاً للعديد من النوازل، يتضح لنا فيه ثراء الأجوبة، واتساع دائرة اجتهاد الفقهاء، مع وفرة وغزارة المعلومات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ومن أشهر المؤلفات- في هذا الصنف- معلمتان بارزتان، إحداهما لتونسي هو: البرزلي، والثانية لمغربي هو: الونشريسي.

أ) ((جامع مسائل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام))، ويسمى بــ((فتاوى البُرزُلي)) والبرزلي هو: أبو القاسم ابن أحمد البلوي القيرواني الشهير بالبرزلي (ت841هــ). وكتابه موسوعة كبيرة الحجم، تعددت موارده، واتسعت مادته، وظل من المصادر المعتمدة للكثير من كتب الفقه والفتاوى، رُتِّبَ على تبويب كتب الفقه، إلا أنه أضاف في النهاية أبواباً تتعلق بالأدعية والوعظ والطب، وغير ذلك من المسائل المتفرقة التي لا تتصل بالفقه.

وقد ذكر في مقدمته أنه قصد فيه إلى جمع أسئلة اختصرها من نوازل ابن رشد، وابن الحاج، والحاوي لابن عبد النور، وأسئلة عز الدين، وغيرهم من فتاوى المتأخرين من أئمة المالكيين من المغاربة والإفريقيين، ممن أدركهم، وأخذ عنهم، أو عن غيرهم، ممن نقلوا عنهم، وغير ذلك مما اختاره هو أو بعض مشايخه.

ب) أما المعلمة الثانية التي تمثل هذا الصنف من النوازل: فهي كتاب ((المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب)) لمؤلفه أحمد بن يحيى الونشريسي أصلاً، الفاسي داراً ووفاة (ت914هــ).

ومن محاسنه: أنه جمع الكثير من نصوص كتب فتاوى الأندلسيين والمغاربة، فاحتفظ ببعض ما ضاع منها، ورتبه على أبواب الفقه، ونقل فيه بعض الرسائل التي ألفت إجابة عن أسئلة متنوعة المواضيع.

الصنف الثاني: هي تلك الكتب التي جمعت أجوبة فقهاء ينتسبون إلى منطقة واحدة، أو إلى مدينة واحدة، فمن تلك التي جمعت فتاوى شيوخ منطقة واحدة يمكن أن نذكر مثالين بارزين هما:

أ) كتاب ((أحكام ابن سهل)) وهو المعروف بكتاب ((الإعلام بنوازل الأحكام)) ومؤلفه هو: عيسى بن سهل الأسدي الغرناطي (ت486هــ). وهو من أقدم ما بين أيدينا من مجاميع النوازل الأندلسية في هذا المجال، حيث خصه مؤلفه بنوازل الأندلسيين، ولم يورد فيه إلا القليل النادر من فتاوى فقهاء القيروان.

ب) كتاب ((الدرر المكنونة في نوازل مازونة)) للمازوني، يحيى بن موسى المازوني المغيلي (ت883هــ). وهو كتاب جمع فيه- كما صرح في المقدمة - نوازل علماء تونس، وبجاية، والجزائر، وتلمسان.

أما كتب النوازل التي جمعت أجوبة فقهاء ينتسبون إلى مدينة واحدة فمنها على سبيل المثال:

أ) كتاب ((الحديقة المستقلة النضرة في الفتاوى الصادرة عن حاضرة (غرناطة)، لمؤلف مجهول، قال مؤلفه: إنه جمع فيه النوازل الصادرة عن علماء حاضرة غرناطة، وبعد تتبع النص تبين أنه ألفه بعد سنة (848هــ). وقد عرضت المسائل فيه دون ترتيب، ولا تبويب. وقد جمعت فتاوى تسعة من الأندلسيين، وعدداً محدوداً جداً من فتاوى فقيهين مغربيين، والملاحظ أنه لم يذكر من فتاوى ابن لب شيئاً.

ب) ((مجموع فتاوى علماء غرناطة لابن طركاظ، أبي القاسم محمد بن طركاظ العكي الأندلسي، تولى قضاء المرية سنة (854هــ)، ولم يعرف تاريخ وفاته، جمع فيه بعض نوازل فقهاء غرناطة، من بينهم: ابن لب)).

جــ) كتاب ((فتاوى تتحدى الإهمال في شفشاون وما حولها من الجبال)) جمع وتنظيم الأستاذ محمد الهبطي المواهبي، حيث جمع الفتاوى الخاصة بهذه المناطق. وقد كانت هذه الفتاوى متناثرة فجمعها في مجلدين، وبلغ عدد هذه الفتاوى ما ينيف على سبعمائة وستين فتوى، ورتبها على الأبواب والموضوعات، وضم كل فتوى إلى بابها المناسب.

الصنف الثالث: هي تلك الكتب التي جمعت أجوبة فقيه واحد، جمعها أو جمعت له من أحكامه خلال مدة قضائه وتوليه الفتوى، أو أجاب عنها عن مجموعة أسئلة وجهت إليه من جهة معينة.

فمن أمثلة النوازل التي جمعت: فتاوى ابن رشد الجد (520هــ) حيث جمعها تلميذه محمد ابن أبي الحسن ابن الوزان (ت543هــ)، وفتاوى القاضي عياض (ت544هــ) وهي بعنوان: ((مذاهب الحكام في نوازل الأحكام)) حيث جمعها ابنه محمد (ت575هــ) بعد أن كانت عبارة عن بطائق أو جذاذات من الفتاوى المتفرقة، وهي من أقدم مؤلفات المغاربة في النوازل. ومنها: فتاوى ابن أبي زيد القيرواني (ت386هــ)، التي جمعها الدكتور/ حميد محمد لحمر.

وأما النوع الثاني - من هذا الصنف، والذي يمثل أجوبة الفقيه الواحد عن أسئلة محددة - فمن أوضح أمثلته: كتاب الرصاع، لأبي عبد الله محمد الرصاع التونسي ت (894هــ) وهو بعنوان ((الأجوبة التونسية على الأسئلة الغرناطية))، فقد ورد على الرصاع خمسة وعشرون سؤالاً من شيخ غرناطة وشيخها وفقيهها أبي عبد الله محمد المواق (ت897هــ). وقد كان الرصاع أكبر شيوخ عصره في تونس، فهو فقيهها وعالمها. وهذه الفتاوى في أغلبها تتعلق بمسائل خلافية في الفقه، وسبع مسائل تتعلق بأحكام الطاعون، ومسألتان في أحكام المساجد.

الصنف الرابع: هي تلك التي يؤلفها صاحبها للإجابة عن قضية واحدة.

وقد تعدد التأليف في هذه النوازل المفردة، فكان منها: ما يتناول قضايا في العبادات، والمعاملات، وكان من بعضها: ما يتعلق بالسياسة الشرعية.

ومن هذا النوع الأخير أختار: ثلاثة أنماط هامة:

أولها: ما يتعلق بسياسة المسلمين مع أهل الذمة، ومع غير المسلمين بعامة.

وثانيها: ما يوضح موقف بعض الفقهاء من بقاء المسلمين تحت سلطة النصارى في الأندلس.

وثالثها: ما يوضح موقف بعض الفقهاء من بعض مسائل الجهاد.

- فمن الأمثلة على النمط الأول:

كتاب ((مصباح الأرواح في أصول الفلاح)) للتلمساني، محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني (ت909هــ)، وهي جواب عن سؤال يطلب منه توضيح ما يجب على المسلمين من اجتناب الكفار، وما يلزم أهل الذمة، وخاصة يهود ناحية ((توات)) من جنوب البلاد الجزائرية، إذ ذكرت المصادر أن مشكلة خطيرة اندلعت في المنطقة بسبب تصرف اليهود بها، وردود فعل العلماء، ووقف الشيخ المغيلي موقفاً شديداً متصلباً أثار الكثير من ردود فعل العلماء المعاصرين له، منهم: القاضي العصنوني، والتنسي، وابن زكري، والرصاع، ويحيى الغماري، وابن سبع، وغيرهم، ممن وضعوا أجوبة للنازلة، مما كان له الصدى البعيد في بعض المؤلفات التاريخية المعاصرة له.

- ومن الأمثلة على النمط الثاني:

كتاب ((أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر)) للونشريسي، أحمد بن يحيى الونشريسي التلمساني (ت914هــ) صاحب كتاب ((المعيار))، وهو مخطوط بالخزانة العامة بتطوان.

وكان حكمه قاسياً على المورسكيين (هم مسلمو الأندلس بعد سقوطها، والاسم نسبة إلى مراكش المغرب)، مما أدى إلى قطع الصِّلات بينهم وبين البلاد الإسلامية.

ومن الأمثلة على النمط الثالث:

كتاب: ((أجوبة التُّسُولي عن مسائل الأمير عبد القادر الجزائري)) لأبي الحسن علي بن عبد السلام بن علي التسولي (ت1258هــ). والكتاب عبارة عن سؤال وجهه الأمير عبد القادر للفقيه التسولي، حيث سأله عن حكم المسلمين الذين يداخلون العدو ويجلب لهم الخيل، ولا يبخل من دلالتهم على عورات المسلمين، وإذا طولبت أحياؤهم بتسليمهم جحدوا وأنكروا، فما حكم الفريقين في أموالهم وأنفسهم؟ وما عقابهم؟ وما حكم من يتخلف عن الدفاع عن المسلمين إذا استنفره الإمام؟ فهل يعاقبون؟ وكيف عقابهم؟ وكيف العمل فيمن يمنع الزكاة، أو بعضها؟ ومن أين يرتزق الجيش المدافع عن المسلمين، السادِّ ثغورهم، ولا بيت مال؟....

المبحث الثامن

كتب النوازل مصدر للدراسات التاريخية

والاجتماعية والاقتصادية

تُعدُّ المؤلفات النوازلية مصدراً أساساً في مجالات شتى، يستفيد منها الفقيه، والمفتي، والحاكم، والمؤرخ، والجغرافي، والتاجر... على حد سواء.

فكما أنه يستفاد من النازلة في رسم الحكم الشرعي على مسألة مستجدة، فإنها - في الغالب - تحوي فوائد قد لا تقل أهمية عن الحكم الشرعي ذاته. فهي تحكي ظروفاً سياسية كان من آثارها هذا الاستفتاء، كما تتصل بظروف بيئية معقدة تتطلب من ينهض إلى إصلاحها ونجدتها، وقد تُنبه إلى أخطار داهمة على أقطار المسلمين، فتشحذ همم ولاة الأمر إلى معالجتها قبل استفحالها، ويضاف إلى هذا كله ما يصاحب هذه المسائل النوازلية من سرد تاريخي، وجغرافي، وحِرَفي، إقليمي ومحلي، مازلنا نستفيد منه في كثير من دراساتنا المعاصرة.

وإذا كانت رسالة ابن فضلان كما يذكر الدكتور/سامي الدهان في تقديمه لها- نقلاً عن بعض المستشرقين- تعد مصدراً أساساً في تاريخ وحياة أهل البلقان وروسية وتركيا، مع كونها رسالة صغيرة، وقد حققت وأخرجت في حدود المائة ورقة من القطع الصغير، وهي من شخص واحد في حقبة زمانية يسيرة، فما بالك بتلك المؤلفات التي تربو على المئات عن مجتمعات متقاربة جغرافياً، مختلفة سياسياً وعرقياً في عدة قرون.

ولهذا لو أردنا أن ندرس القيم المختلفة، والملامح المتنوعة من خلال كتاب واحد هو كتاب ((المعيار المُعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب)) لأحمد بن يحيى الونشريسي والذي حقق في (ثلاثة عشر مجلداً) - لوجدنا موسوعات متنوعة ينتفع منها الجميع في كافة المجالات، حيث إن المؤلف -رحمه الله- حشد آلاف الفتاوى في بقاع متعددة، ووقائع مختلفة في سبعة قرون عن عشرات المفتين والمجتهدين؛ مما يجعله مرجعاً تاريخياً، واجتماعياً... إضافة إلى كونه موسوعة نوازلية فقهية.

وما زال المسلمون في بلاد المغرب الإسلامي بعامة، وفي أسبانيا وإيطاليا الآن بخاصة؛ يعكفون على دراسة أنماط الحياة الإنسانية بمختلف مجالاتها: (الاجتماعية، والتاريخية، والسياسية، والاقتصادية)، ويستلهمون من خلالها معالم هذه الحياة، وسماتها، وأحوالها.

ومما يؤسف عليه: أن الغرب المعاصر - بمختلف مشاربه - قد أدرك قيمة كتب النوازل المغربية أكثر من إدراك المسلمين أنفسهم لها.

وإليك أخي - القارئ الكريم - أبرز ملامح كتب النوازل:

المطلب الأول

الأحــــــــوال التاريخيــــة

سبق القول إن بداية تدوين النوازل الفقهية عند المالكية المغاربة بدأ في نهاية القرن الثالث الهجري، ومر بمرحلة النضج ثم بمرحلة الضعف، ثم عادت مرحلة ازدهاره في القرن العاشر الهجري في بلاد المغرب العربي.

ومن المعلوم: أن هذه الفترة الزمنية الطويلة، جرت فيها أحداث تاريخية متفرقة بدءاً بانتشار الإسلام فيها، ومروراً باتساع رقعة الإسلام في أطرافها، وانتشار العلم، وسيطرة الدولة الأموية على مقاليد الأمور فيها، وانتهاء فيما يتعلق بالحروب الدامية بين المسلمين والنصارى في الأندلس والمغرب، وما يتعلق بها من قصص سقوط كثير من تلك المدن العظيمة، وأسباب السقوط، ونتائجه، ومراحل التهجير الجماعي إلى البلاد المغربية العربية...إلخ. فهذه الأحداث التاريخية المتنوعة كانت مرتبطة بالنوازل نفسها؛ وهي التي جعلت كتب النوازل تزخر بسرد تاريخي قد لا يتوافر في كتب التاريخ أحياناً.

ولهذا ((فإن التعامل مع النوازل الفقهية، - بصفتها شكلاً من أشكال الخطاب التراثي - أصبح أمراً تفرضه ضرورة البحث عن مصادر جديدة لكتابة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، وذلك من أجل سد الفراغ الذي يعتري عادة أدب الحوليات؛ ولأن المصادر الإخبارية إنما كانت تعتمد على الحدث السياسي والعسكري بالأساس. ولا يمكن سد هذا الفراغ الذي تشكو منه الكتابة التاريخية إلا بالرجوع إلى مثل هذه الأجناس من الخطاب، وبالخصوص ما تضمنته كتب النوازل الفقهية، وكتب المناقب والرحلات، وكذلك مختلف الأعراف المكتوبة - منها - والشفوية، من معلومات اجتماعية اقتصادية، مما يُعد بديلاً عن ضحالة مثل هذه المعلومات وتشتتها وصعوبة الإلمام بها في كتب الحوليات)).

وفي المقابل فإن قيام بعض الدويلات في المغرب الإسلامي كان من نتائجه: الصراع المستمر، والظلم المستبد في بعض الفترات، مما أدى إلى اضطراب سياسي شديد، وتباين عقدي وفكري ملحوظ.

وقد شهدت الأندلس حكم دويلات صغيرة، وطوائف كان يطلق على رؤسائها ملوك الطوائف. كما شهد عصر هؤلاء حروباً صليبية حاقدة على المسلمين، وكان ذلك بعد سقوط الخلافة الأموية بالأندلس سنة (422هــ)، مما أدى إلى قيام دول كان من بينها:

الدولة المرابطية (462-541هــ)، وعاصمتها: مراكش، ومؤسسها يوسف ابن تاشفين، وانتشر نفوذها إلى الأندلس.

الدولة الموحدية (541-668هــ)، وعاصمتها: مراكش، ومن أعلامها: المهدي ابن تومرت، وهو مؤسسها، وعبد المؤمن بن علي، ويوسف بن عبد المؤمن، وانتشرت في المغرب الأقصى، والجزائر، وطرابلس، وتونس، والأندلس.

الدولة الصنهاجية (361-543هــ)، وعاصمتها: مراكش، وهي تتبع الدولة الفاطمية في مصر، وقد انقرضت هذه الدولة بعد استيلاء الموحدين على جزئها الغربي المتمثل في الدولة الحمادية.

الدولة الحمادية (405-547هــ)، وعاصمتها: القلعة بالجزائر، ومؤسسها حماد ابن بلقين.

كما أن الاستعمار الأجنبي لدول المغرب العربي كان له تأثير مباشر على طروء كثير من النوازل الفقهية، والتي اشتملت على بعض هذه الأحداث التاريخية.

وقد يكون ما سبق مختصاً بالتاريخ السياسي، أو ما يتعلق بنظام الحكم، لكن هناك صور أخرى من التاريخ قد سطرها علماء النوازل، وهي في التاريخ الاجتماعي - كما سيأتي - مما يتعلق بدراسة المجتمعات وأنماط سلوكها، وطبيعة حياتها، وصلتها بغيرها، لاسيما مع من يجاورونهم من غير المسلمين، وكيفية التعامل معهم، وتاريخ هذه الأنماط الاجتماعية، وعوامل تطورها وتغيرها، فكل هذه الملامح تبدو ظاهرة للعيان أمام المؤرخ الذي يرغب في دراسة تاريخ تلك المجتمعات.

وقد اشتملت كتب النوازل على أحداث تاريخية قد لا تتوافر في كتب التاريخ أحياناً؛ وذلك لأن النوازل تعتبر انعكاساً صادقاً لأحداث المنطقة وظروفها، ولهذا يصعب في الغالب تكذيبها.

ومن الأمثلة على ذلك: ما يتعلق بتاريخ المياه في المغرب الإسلامي بعامة، وفي فاس بخاصة، حيث يكثر سؤال أهل البساتين عن أحكام المياه، ومن له الحق في السقي، وما يحصل في ذلك من النزاع والخصومة على الغروس الواقعة على حافتي وادي فاس، وما يتبع ذلك من مسائل قد تصل إلى حد الاقتتال. ثم يأتي جواب المفتي على سبيل المثال: بأنه ((إذا غرس الأعلى والأسفل عليه معاً، أو غرس الأعلى قبل الأسفل؛ أن يكون للأعلى حق بمقدار كفايته، ثم يرسل فضله على الأسفلين.. وإن غرس الأسفل قبل الأعلى؛ انعكس الأمر، فيكون الأسفل أحق بمقدار كفايته، ثم يكون الفضل للأعلى...)).

وبناء على ذلك؛ فإن المؤرخ يستفيد من هذه السوابق التاريخية في طريقة السقي، وتطورها، والاختلاف فيها، والأسباب التي أدت إلى الخلاف، كما يستطيع أن يقارن بين عصر وآخر من خلال شح الموارد المائية أو وفرتها.. إلخ.

ومن الدراسات التاريخية في هذا المجال: دراسة المدارس الفقهية، وأماكنها، وعلمائها، وطرق الإفتاء عندهم، وتاريخ ولادة المفتين وتاريخ وفاتهم، وتتلمذ بعضهم على بعض، كل هذه الجوانب قد أعطيت حقها وزيادة في كتب النوازل.

فجميع هذه الأحداث التاريخية وغيرها - مما لم يتسع المجال لذكرها - مدونة في كتب النوازل بصورة مختلفة عن كتب التأريخ المتعارف عليها.

ولا يختلف اثنان على صعوبة جمع هذه المادة التاريخية من بطون كتب النوازل؛ نظراً لتفرقها، وعدم اجتماع جوانب الأحداث في سياق النازلة. ولكن يجاب عن مثل هذا بأن طبيعة النوازل وخصوصيتها تفرض هذا الطابع، فهي في الأساس ليست معنية بهذه الجوانب، ولكن هذه الأحداث هي التي طرأت فولدت النازلة، مما استوجب ذكر الظروف التي اقترنت بالنازلة؛ ثم إن جمع هذه المادة التاريخية وغيرها من الفنون الأخرى هو مهمة المختص الذي يفترض أن يستوعب هذه الكتب قراءة وتدقيقاً؛ كي يخرج منها بمؤلفات مستقلة تتعلق بتخصصه.

وقد أشار الدكتور/محمد فتحة إلى شيء من هذه الصعوبات في أطروحته للدكتوراه التي كانت متعلقة بهذا الجانب؛ حيث قال: ((إن قلة الاعتماد على هذه النصوص في البحث التاريخي يعود في الغالب إلى الصعوبات الكثيرة التي تواجه الباحثين، والتي تجعل من النص النوازلي أداة غير طَيِّعة تقتضي القيام بجملة من الإجراءات القبلية التي تهدف إلى إعداد النص مادة إخبارية، وتجريده من الصنعة الفقهية التي تطبعه)).

المطلب الثاني

الأحــــــوال الاجتماعيــــة

لما فتح المسلمون الأندلس واستقروا بها، شهدت هذه البلاد تنوعاً في العناصر السكانية فكان كالآتي:

1#العرب: وقد دخلوا الأندلس على موجات متتابعة.

2#البربر: وكان أول دخولهم الأندلس أيام الفتح، فظلت الهجرات البربرية إلى الأندلس حتى قيام الخلافة الأموية.

3#الموالي: وأغلبهم من موالي بني أمية في المشرق، أو ممن دخل في ولائهم من أهل المغرب.

4#المُسَالِمة: مفرد مُسالِم، وهم سكان البلاد الأصليين الذين دخلوا الإسلام.

5#المولدون: وهم أبناء المسالمة، وأبناء الفاتحين العرب والبربر الذين أقبلوا على مصاهرة الأسبان.

6#العجم أو المستعربون: وهم نصارى الأسبان الذين كانوا يعاشرون المسلمين ويتكلمون العربية..

وأما الدول العربية المغربية: فإنها لا تخلو - على مر القرون - من أكثر هذه الأعراق، بالإضافة إلى سكان البلاد الأصليين، وهم البربر أبناء مازغ.

وأبرز ما يلوح في الأفق حين الحديث عن المجتمع في المغرب الإسلامي الفئات البشرية الآتية:

1#فئة أهل الذمة: وهم من رعايا الدولة الإسلامية التي حفظت حقوقهم المدنية والسياسية، ومكنتهم من عديد من الوظائف والمهام، وسمحت لهم بممارسة شعائرهم وعاداتهم، بشرط عدم التآمر أو التحايل على كيانها وسلطانها.

2#فئة الرقيق: وقد شكلت عنصراً إيجابياً وحيوياً داخل المجتمع، حيث كان لاختلاف المنحدرات الاجتماعية والعرقية والبيئية للرقيق المستجلبين من آسيا وإفريقية الأثر الواضح في إثراء البيئة العربية الإسلامية، مما أدى إلى إقامة جسر التعارف بين المسلمين وبقية الشعوب المتنوعة. وأما طبقة الرقيق الحربي فقد كان له الأثر الإيجابي والفعال في مواجهة الفتن والحروب والقلاقل في الداخل والخارج.

3#أما فئة النساء: فقد كان لها أثر إيجابي في نهضة المجتمع. وقد حظيت المرأة في الشرق والغرب بمكانة مرموقة في كافة مجالات الحياة.

4#فئة الحكام والعلماء: فمنها: ما كان قائماً على الإصلاح والتعاون العلمي والثقافي، ومنها: ما كان يحرص على مصالحه الشخصية، دون اهتمام بمصالح العامة.

وقد حدثت بين هذه الفئات والأجناس المختلفة من أفراد المجتمع المغربي كثير من الخلافات والاضطهادات، والقيام ببعض الثورات، ولكن سرعان ما تهدأ هذه الفتن نتيجة حكمة بعض الولاة الذين يجمعون جميع هذه الأعراق تحت راية الإسلام.

والمقصد مما سبقت الإلماحة إليه: هو اعتناء كتب النوازل بإيراد بعض الملامح الاجتماعية للمجتمعات المغربية، مما يجعلها مصدراً تاريخياً للأحوال الاجتماعية.

وعلى سبيل المثال نجد أن كتب النوازل اعتنت بما يسمى بــ:((مسائل البادية)) و((مسائل الحاضرة)). ولكل من هاتين البقعتين المكانيتين ما تختص به من الأحكام.

وقد تناول هؤلاء المفتون المسائل النازلة عند أهل البادية، مثل ما يتعلق بنوازل الأرض. ((فهناك أراض مملوكة يمكن لأصحابها كراؤها وتوريثها وبيعها وهبتها... وهناك أراضي أحباس، وأراضي الأقطاع تنازلت عنها السلطة السياسية القائمة لصالح جماعة أو فرد لقاء خدمات معينة لها صلة بالجندية، أو بالصلاح، أو بالانتماء إلى العصبية الحاكمة)).

وقد اهتمت بعض مجاميع الفتوى ببوادي المغرب (مازونة ونوازل ابن هلال)، ولم يغب الشرع عن تلك البوادي النائية والمناطق الجبلية.

ولم تقف مسائل البادية عند هذا الحد، فقد كثرت النوازل المتعلقة بالمياه والسقي، حتى قال الدكتور/محمد فتحة: ((تمثل كتب النوازل المصدر الأساس للتعرف على أحوال الري بالغرب الإسلامي، وكل ما يحيط بنظام السقي من تقنيات ونزاعات وتشريعات)).

ومن المعلوم: أن قضايا المياه لها أبعاد فقهية دقيقة، وكثيراً ما يترتب على الخلاف فيها نزاع بين أهل الدور، والقرى، والمزارع، والمشاركات، وسقي الدواب، وفيمن يكون له السبق في الري...إلخ.

وقد تناولت كتب النوازل مسائل من عادات بعض أهل البادية كعدم توريث النساء، والعضل، وقطع الطريق، ومسائل الرعاة... وغيرها.

وكل هذه المسائل وغيرها قد تناولتها كتب النوازل حتى إن ابن ناصر الكبير ألف رسالة خاصة بأهل البادية أسماها: ((الأجوبة الناصرية في بعض مسائل البادية)).

وأما أهل الحاضرة فغالب ما كتب كان متعلقاً بنوازلهم، أو هو مما يشتركون فيه مع أهل البادية.

المطلب الثالث

الأحوال الاقتصادية

اتسمت الحالة الاقتصادية في المغرب الإسلامي- من حيث العموم- بالازدهار الواضح، والنمو المطرد في كافة المجالات الزراعية، والصناعية، والعمرانية. حيث تطورت الزراعة والصناعة، ونمت الثروات، وعمت الرفاهية، وكثر العمران، واتسعت الحضارة التي شملت عموم المجتمع، وغالب المساحة الترابية، واهتم الأمراء والعلماء بعلوم الزراعة، مما كان له الأثر في نجاح الفلاحة.

ونجحت التجارة، وكثر الاستيراد، وجلب الخزف والحرير من الصين، والمعادن من الهند، والياقوت والذهب من بلاد الترك، والعاج والتبر من إفريقية، كما شهدت الأندلس حيوية كبيرة على صعيد المبادلات التجارية مع أوروبا، وشملت التجارة مختلف البضائع والرقيق المستقدمين من أواسط آسيا وبلاد إفريقيا.

كما ازدهرت الصناعة، وانتشرت المعامل، ومصانع الزيوت والزجاج والحياكة، والأجهزة الحربية بسبب الحروب الصليبية والتترية بالأندلس وإفريقية ومصر والشام.

ومع هذه النهضة الاقتصادية إلا أنها مرت في بعض العصور بحالة من الفتور والركود، مما أدى إلى انتشار الفقر والعجز.

وقد دونت كتب النوازل حالي اليسر والعسر الاقتصاديين في المغرب الإسلامي، وظهر ذلك من خلال الأسئلة التي عرضت على الفقهاء، التي وضعت حال الرخاء من خلال الأسئلة عن تعاملات اقتصادية مستجدة، وقد أوضح السائل فيها صورة التعامل، وفي المقابل وصفت هذه الكتب أيضاً حالة الفتور الاقتصادي من خلال ما وجه للعلماء من أسئلة تشكو الأوضاع المتردية وكيفية علاجها.

ومن الأمثلة على ذلك:

عناية الفقهاء بمسائل النقود؛ لأنها تهم المسلمين في أمور عباداتهم ومعاملاتهم؛ مثل تحديد نصاب زكاة الدراهم والدنانير، وتجنب الربا عن التعامل بها.

وحينما سئلوا عن التعامل بسكك مختلفة اعتقدوا أنه لا يجوز؛ بسبب تباين أسعار العملة لاختلاف أسعار الذهب والفضة من وقت لآخر، وبسبب عدم توحيد العملة حينما يتعلق الأمر بدول اتسع نطاق حكمها ليشمل الغرب الإسلامي؛ لما ينجم عن ذلك من اختلاف نسبة الدرهم إلى الدينار حسب مكان ضرب الدرهم، وحسب نوع الدينار، لهذه الأسباب فقد كان التجار يهتمون في حال البيع إلى أجل بتحديد نوع العملة وصرفها يوم حصول الصفقة، كما كانوا يعينون السكة؛ حتى لا تفسد معاملاتهم.

كما كانت تختلف تلك العملات من حيث الجودة.

وهكذا يستفيد عالم الاقتصاد تاريخ العملات، وتطورها، ومكان إصدارها، وما طرأ عليها من اختلاف، مع ما ورد فيها من أحكام شرعية، وأثر تلك النقود على التطور الاقتصادي في تلك الديار.

((ولهذا فقد انصرف اهتمام بعض المؤرخين إلى مصنفات الفتاوى لدراستها واستنباط ظواهر اجتماعية منها، واستنتاج إفادات تاريخية، ومن هؤلاء: المستشرق الفرنسي ((جاك بارك)) الذي اعتنى بنوازل المازوني (ت883هــ) بتلمسان، واستغلها لإبراز جوانب اجتماعية للمغرب في عصر هذه النوازل)).

المبحث التاسع

أسماء بعض المؤلفات النوازلية

لفقهاء المالكية المغاربة

1#أجوبة الفقهاء، لمحمد بن سحنون التنوخي القيرواني (ت256هــ)، خ. الخزانة العامة بالرباط، رقم: 1341د..

2#فتاوى أصبغ بن خليل أبي القاسم القرطبي (ت293هــ)، خ. الخزانة الحسنية بالرباط، رقم: 8178.

3#الأسئلة والأجوبة، لأبي حفص أحمد بن نصر الداودي (ت307هــ)، خ. الخزانة العامة بالرباط، رقم: 8178.

4#أحكام شبطون، أحمد بن محمد بن زياد قاضي قرطبة (ت312هــ).

5#فتاوى ابن لبابة، محمد بن عمر القرطبي (ت314هــ).

6#فتاوى اللؤلؤي أبي بكر أحمد بن عبد الله الأموي القرطبي (ت350هــ).

7#مسائل ابن زرب، أبي بكر محمد بن يبقى القرطبي (ت381هــ). جمعها صاحبه يونس بن عبد الله ابن الصفار، وهي من مصادر فتاوى ابن رشد.

8#فتاوى ابن أبي زيد القيرواني (ت386هــ). حيث جمعها الدكتور/حميد محمد لحمر وطبعت سنة (1424هــ). ومعلوم أن ابن أبي زيد يُعدُّ من أكبر فقهاء الغرب الإسلامي. وله كثير من الفتاوى المتناثرة في بطون الكتب التي لم تجمع في كتاب واحد، ثم هيأ الله لها الدكتور/ حميد، حيث جمعها وهذبها وقدم لها، فجزاه الله خيراً.

9#منتخب الأحكام، لابن أبي زمنين محمد بن عبد الله بن علي الإلبيري (ت399هــ)، مطبوع ومحقق، ونوقش في أطروحة دكتوراه للدكتور/محمد حماد بكلية الآداب - جامعة عبد المالك السعدي بتطوان.

10#فتاوى ابن الزويزي، القاضي عبد الله بن أيمن الأصيلي المغربي (توفي في حدود 400هــ).

11#فتاوى ابن المكوي، أبي عمر أحمد بن عبد الملك الإشبيلي (ت401هــ).

12#المقنع في مسائل الأحكام وفقه القضاء، لابن بطال المتلمس سليمان بن محمد البطليوسي (ت402هــ).

13#أجوبة القابسي، أبي الحسن علي بن محمد بن خلف التونسي (ت403هــ)، خ. الخزانة الناصرية بتمكروت، رقم: 1909د.

14#فتاوى ابن الشقاق، عبد الله بن الشقاق بن سعيد القرطبي (ت426هــ).

15#نوازل أبي عمران الفاسي، موسى بن عيسى بن أبي حاج الغفجومي الفاسي (ت430هــ)، مطبوع.

16#فتاوى ابن عتاب، محمد القرطبي (ت430هــ).

17#فتاوى ابن دحون، عبد الله بن يحيى القرطبي (ت431هــ).

18#فتاوى ابن القطان، أحمد بن محمد القرطبي (ت460هــ).

19#نوازل ابن مالك، أبي مروان عبيد الله بن مالك القرطبي (ت460هــ).

20#فصول الأحكام فيما جرى به عمل المفتين والحكام، للباجي أبي الوليد سليمان بن خلف الأندلسي (ت474هــ).

21#فتاوى الشيخ أبي الحسن علي بن محمد اللخمي القيرواني (ت478هــ) وهو مطبوع، وقد جمعه الدكتور/حميد لحمر.

22#الإعلام بنوازل الأحكام أو الأحكام الكبرى، لابن سهل أبي الأصبغ عيسى بن سهل الأسدي القرطبي (ت486هــ)، وقد قام بتحقيقها الدكتور/محمود علي مكي، والدكتور/محمد عبد الوهاب خلاف.

23#الأحكام، للشعبي أبي المطرف عبد الرحمن بن قاسم المالقي (ت497هــ)، ويسمى بنوازل الشعبي، كما كتب على بعض نسخه المخطوطة. وقد طبع بتحقيق الدكتور/ الصادق الحلوي.

24#الإعلام بالمحاضر والأحكام، وما يتصل بذلك مما ينزل عند القضاة والحكام لابن دبوس عبد الله بن أحمد الزناتي اليفرني قاضي فاس (ت511هــ) تقع في أربعة أجزاء لا يعرف منها إلا جزءان بمكتبة القرويين.

25#نوازل ابن بشتغير، أحمد بن سعيد اللخمي اللورقي (ت516هــ)، وقد حققه الدكتور/قطب الريسوني بإسبانيا حيث كان موضوع أطروحته الدكتوراه.

26#فتاوى ابن رشد، أبي الوليد محمد بن أحمد القرطبي (ت520هــ). جمعها تلميذاه الفقيهان القرطبيان: أبو الحسن محمد ابن الوزان، وأبو مروان عبد الملك بن مسرة. وقد طبع بتحقيق الدكتور/المختار التليلي، وصدر مطبوعاً - أيضاً - بعنوان ((مسائل ابن رشد)) للدكتور/محمد الحبيب التجكاني، - حيث كان أطروحته للدكتوراه - بدار الحديث الحسنية بالرباط.

27#المسائل والأجوبة لعبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي (ت521هــ)، طبع قسم منه ببغداد بتحقيق الدكتور/إبراهيم السامرائي.

28#نوازل الأحكام، أو الفصول المقتضبة من الأحكام المنتخبة لابن الحاج الشهيد محمد بن أحمد بن خلف التجيبي القرطبي (ت529هــ)، وهو يحقق الآن من قبل الدكتور/أحمد اليوسفي ولم يُنْهِه بعد.

29#أحكام الهلالي للقاضي أبي الوليد هشام بن أحمد الغرناطي (ت530هــ).

30#نوازل ابن ورد، أبي القاسم أحمد بن محمد التميمي (ت540هــ) مخطوط بعدد من خزائن المغرب.

31#مذاهب الحكام في نوازل الأحكام، للقاضي عياض بن موسى السبتي (ت544هــ). جمعها ولده محمد بن عياض، وقدم لها وحققها الدكتور/محمد بن شريفة.

32#أجوبة الحكام فيما يقع للعوام من نوازل الأحكام، لابن حنكالش إبراهيم بن أحمد الغرناطي (ت579هــ) حققت، ولكن لم تنشر بعد.

33#المفيد للحكام فيما يعرض لهم من نوازل الأحكام، لابن هشام أبي الوليد هشام بن عبد الله القرطبي (ت606هــ)، خ. خزانة القرويين بفاس، رقم: 481.

34#نوازل أبي الحسن الصغير علي بن عبد الحق الزرويلي الفاسي (ت719هــ). جمع نوازله تلميذه الفقيه، طبعت على الحجر بفاس سنة (1319هــ).

35#معين الحكام في نوازل القضايا والأحكام، لابن عبد الرفيع إبراهيم بن حسن التونسي (ت733هــ)، وقد طبع بتحقيق الدكتور/محمد بن قاسم بن عياد.

36#العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام، لابن سلمون، سلمون بن علي بن عبد الله الكناني الغرناطي (ت767هــ). وقد طبع بهامش كتاب التبصرة لابن فرحون.

37#فتاوى القباب، أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قاضي جبل طارق (ت772هــ)، خ. الخزانة العامة بالرباط رقم: 1447د.

38#الأجوبة الثمانية، لابن لب فرج بن قاسم التغلبي الغرناطي (ت782هــ) خ. الخزانة العامة بتطوان، رقم: 331.

39#فتاوى الشاطبي، لإبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي (ت790هــ)، وقد طبعت بتحقيق الدكتور/محمد أبو الأجفان سنة (1404هــ).

40#فتاوى ابن علاق، محمد بن علي بن قاسم الغرناطي (ت806هــ).

41#فتاوى الحفار، محمد بن علي الأنصاري الغرناطي (ت810هــ).

42#جامع مسائل الأحكام مما نزل بالمفتين والحكام، للبرزلي أبي القاسم ابن أحمد القيرواني ثم التونسي (ت844هــ). وتعرف أيضاً بنوازل البرزلي والحاوي في النوازل. اختصرها الشيخ أحمد الونشريسي صاحب المعيار واعتمدها مصدراً لكتابه. وقد طبعت نوازل البرزلي بتحقيق الأستاذ/محمد الحبيب الهيلة.

43#نوازل ابن زاغو، أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المغراوي التلمساني (ت845هــ)، خ. الخزانة الناصرية، رقم: 1525 يب.

44#نوازل العبدوسي، عبد الله بن محمد بن موسى الفاسي (ت849هــ)، خ. الخزانة الناصرية، رقم: 853.

45#أجوبة القَوري، محمد بن قاسم اللخمي الفاسي (ت872هــ) مخطوط الخزانة الحسنية بالرباط، رقم: 10247.

46#الدرر المكنونة في نوازل مازونة، للمازوني يحيى بن موسى بن عيسى المغيلي (ت883هــ). جمع فيها فتاوى المتأخرين من أهل تونس والجزائر وتلمسان. وهي من مصادر كتاب المعيار للونشريسي، خ. الخزانة العامة بالرباط، رقم: 883د.

47#نوازل ابن هلال، إبراهيم بن هلال بن علي الصنهاجي السجلماسي (ت903هــ). رتبها تلميذه أبو القاسم بن أحمد بن علي (ت901هــ)، وجمعها علي بن أحمد الجزولي (ت1049هــ). طبعت على الحجر بفاس.

48#المعيار المعرب، والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب، لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي (ت914هــ). وهو أكبر موسوعة نوازلية في المغرب. جمع فيه مؤلفه فتاوى المتقدمين والمتأخرين من فقهاء المغرب والأندلس، بالإضافة إلى فتاويه الخاصة. وهو مطبوع وله مكانة مرموقة عند الفقهاء والقضاة في العصور الفائتة. ولا يزال - إلى يومنا هذا - مصدراً زاخراً بالمعلومات الشرعية وغيرها حول المسلمين بالغرب الإسلامي.

49#مجالس القضاة والحكام، للقاضي المكناسي محمد بن عبد الله اليفرني (ت917هــ).

50#المسائل الحسان المرفوعة إلى حبر فاس وتلمسان، لابن غازي المكناسي، محمد بن علي العثماني الفاسي (ت919هــ)، خ. الخزانة العامة بتطوان، رقم: 536م.

51#نوازل الجزولي، الحسن بن عثمان التملي السوسي (ت932هــ).

52#نوازل عمرو المفتي، أحمد بن زكرياء البعقيلي السوسي (ت969هــ).

53#أجوبة التمنارتي، محمد بن إبراهيم الشيخ اللكوسي السوسي (ت971هــ).

54#أجوبة ابن عرضون، أحمد بن الحسن بن يوسف الزجلي الشفشاوني (ت992هــ).

55#أسئلة وأجوبة، ومسائل من الأجوبة الحسان، كلاهما لسعيد بن علي بن مسعود السوسي (ت1001هــ).

56#نوازل العباسي، سعيد بن عبد الله بن إبراهيم السملالي السوسي (ت1007هــ)، خ. الخزانة العامة بالرباط، رقم: 1079د.

57#الكشف والبيان لأصناف مجلوب السودان، لأحمد بن أحمد التنبكتي السوداني (ت1032هــ)، أجاب فيه عن الأسئلة التي وجهت إليه من توات بشأن العبيد المجلوبين من السودان، وتوجد منه نسخ مخطوطة عديدة في الخزانة العامة بالرباط.

58#الجواهر المختارة فيما وقفت عليه من النوازل بجبال غمارة، للزياتي عبد العزيز بن الحسن الغماري (ت1055هــ) وقد جمع فيه ما وقف عليه من فتاوى الفقهاء المتأخرين من أهل فاس وغيرهم وأضاف إليه من نوازل الونشريسي ومن غيرها، خ. الخزانة العامة بتطوان، رقم: 12/913.

59#النوازل البرجية، لعبد العزيز بن أبي بكر الرسموكي السوسي (ت1065هــ). ولا تقتصر هذه النوازل على الأجوبة العادية، ولكنها تضم محاورات فقهية عالية النَفَس بين القاضي البرجي وكبار معاصريه في سوس ومراكش.

60#الأجوبة الناصرية في بعض مسائل البادية، لمحمد بن محمد بن ناصر الدرعي التمكروتي (ت1085هــ) جمعها تلميذه محمد ابن أبي القاسم الصنهاجي، وأكثر مسائلها تدور حول البادية. وقد طبعت بفاس عام 1319هــ. وهي تحتوي على مسائل في العبادات والمعاملات والعقيدة والتصوف، خ. الخزانة العامة بالرباط، رقم: 1250.

61#الأجوبة الكبرى والصغرى كلاهما لعبد القادر بن علي ابن أبي المحاسن الفاسي (ت1091هــ) وقد طبعت على الحجر بفاس، وتوجد منها نسخة بالخزانة الملكية بالرباط، رقم: 4417.

62#نوازل المجاصي لأبي عبد الله محمد بن الحسن المغراوي الفاسي (ت1103هــ)، قاضي الجماعة بفاس ومكناس. وقد طبعت على الحجر بفاس، وتوجد منها نسخة بالخزانة الملكية بالرباط رقم: 3310.

63#الأجوبة، للعربي بن يوسف الفاسي (ت1052هــ)، خ. الخزانة الحمزاوية بالراشدية (المغرب)، رقم: 1260.

64#نوازل العلمي علي بن عيسى الحسني الشفشاوني (ت1127هــ)، قاضي شفشاون وابن قاضيها، جمع في نوازله إلى جانب أجوبته أجوبة بعض معاصريه ومن سبقهم من فقهاء شمال المغرب. طبعت أولاً على الحجر بفاس في جزأين سنة (1332هــ)، ثم أعادت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب طبعها في المحمدية سنة (1403هــ) الجزء الأول، ثم في سنة (1406هــ) الجزء الثاني، ثم في سنة (1409هــ) الجزء الثالث، بتحقيق المجلس العلمي بفاس.

65#نوازل المسناوي لمحمد بن أحمد المسناوي (ت1131هــ). جمعها أحمد بن محمد الدكالي. وقد طبعت على الحجر بفاس سنة (1345هــ).

66#نوازل المنبهي لمحمد بن علي المنبهي (ت1133هــ). جمعها تلميذه علي بن بلقاسم بن أحمد البوسعيدي، خ. الخزانة الملكية بالرباط، رقم: 4500.

67#أجوبة بُردُلّه محمد العربي بن أحمد الأندلسي الفاسي (ت1133هــ). جمعها تلميذه أحمد بن محمد الخياط بن إبراهيم الدكالي الفاسي. طبعت على الحجر بفاس سنة (1344هــ).

68#نوازل الورزازي لمحمد بن محمد الدليمي الورزازي (ت1166هــ). بوبها تبويباً فقهياً، وجمعها بنفسه، خ. الخزانة العامة بالرباط، رقم: 1847.

69#مواهب ذي الجلال في نوازل البلاد السائبة والجبال، وعنوان الشرعة وبرهان الرفعة في تذبيل أجوبة فقيه درعة، كلاهما لمحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن السكتاني الكيكي (ت1185هــ) وقد حقق النوازل الأولى الأستاذ أحمد التوفيق، ونشرت في بيروت سنة (1997م).

70#الأجوبة المرضية عن مسائل مرضية في البيع بالثنيا والوصية، لعمر بن عبد العزيز الكَرسيفي.

71#نوازل ابن سودة، محمد التاودي بن الطالب المري الفاسي (ت1209هــ)، شيخ الجماعة بفاس والمغرب كله. وقد جمعها ولده القاضي أحمد بن سودة. طبعت مرتين. مرة مجردة على الحجر بفاس، ومرة بهامشها النوازل الصغرى لعبد القادر الفاسي، على الحجر بفاس عام (1301هــ).

72#ثلاثمائة سؤال وجواب، لمحمد بن محمد الدوكالي الفاسي (ت1241هــ)، خ. المسجد الأعظم بتلزة، رقم: 428.

73#أجوبة التسولي، علي بن عبد السلام المدعو مديدش (ت1258هــ)، قاضي الجماعة بفاس، وحامل لواء المذهب المالكي في عصره. يوجد ضمنها جواب عن سؤال للأمير عبد القادر الجزائري حول الجهاد ضد الفرنسيين، حرره التسولي بأمر من السلطان عبد الرحمن بن هشام العلوي. طبعت على الحجر بفاس، من دون تاريخ. ثم أعيد طبع ما يتعلق بسؤال الأمير عبد القادر الجزائري حول الجهاد في بيروت بتحقيق عبد اللطيف أحمد الشيخ محمد صالح.

74#النوازل الصغرى أو المنح السامية في النوازل الفقهية، لأبي عيسى محمد المهدي بن محمد الوزاني العمراني الحسني الفاسي، آخر المفتين الكبار المؤلفين في النوازل (ت1342هــ). جمع فيها فتاويه، وأضاف إليها فتاوى غيره من معاصريه وشيوخه وقليل ممن تقدمهم. طبعتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب في أربعة أجزاء سنة (1929م).

75#النوازل الجديدة الكبرى في أجوبة أهل فاس وغيرهم من البدو والقرى، أو المعيار الجديد الجامع المغرب، عن فتاوى المتأخرين من أهل المغرب، للوزاني أيضاً. وقد ألفه بعد مضي عقدين من السنين على تأليف النوازل الصغرى، وقد تجمع لديه خلال هذه المدة عدد أكثر من فتاويه ومن مختارات فتاوى غيره من أهل فاس وغيرهم من المتأخرين- كما ورد في العنوان- لكنه أضاف إلى ذلك فتاوى بعض المتقدمين الأندلسيين والقيراوانيين والبجائيين والتلمسانيين وغيرهم، ولا يكرر فيها شيئاً من النوازل الصغرى إلا نادراً؛ حين تكتمل به فائدة، أو يدعو إليه التنظير.

76#الجواهر الثمينة في تصيير وهبة أولاد مدينة، ونتائج الأحكام في نوازل الأحكام، كلاهما لأحمد بن محمد الرهوني التطواني (ت1373هــ)، قاضي تطوان ووزير العدل. وأولاد مدينة أسرة تطوانية كبيرة كانت لهم قضية شائكة تتعلق بالهبة والتصيير مع أولاد الصوردو التطوانيين، أثارت كثيراً من الجدل بين المفتين المعاصرين، خ. الخزانة العامة بالرباط، رقم: 2160د.

77#نتائج الأحكام في نوازل الأحكام للفقيه، أحمد بن محمد بن الحسن الرهوني (ت1373هــ)، خ. الخزانة العامة بالرباط، رقم: 2164د.

78#فتاوى تتحدى الإهمال في شفشاون وما حولها من الجبال، جمع وتنظيم محمد الهبطي المواهبي. حيث جمع ما ينيف على سبعمائة وستين فتوى مهجورة بشفشاون وناحيتها، لم تجمع في كتاب، ولم يهتم بها أحد. فجمعها المواهبي وطبعت سنة (1419هــ).

79#الأجوبة الرشيدة في حَلِّ النوازل الفقهية والمعاملات المعاصرة للفقيه رشيد ابن الفقيه محمد الشريف العلمي ولد سنة (1934م)، وقد طبع في المغرب سنة (2004م).

المبحث العاشر

كيفية الاستفادة من كتب النوازل

عند فقهاء المالكية المغاربة

لاشك أن أعظم ما نهدف إليه من خلال هذه الورقات المتواضعة: هو الدلالة على هذه الجهود الحثيثة التي بذلها فقهاء المالكية المغاربة، ومن ثم جمع هذه الإسهامات المبعثرة في منظومة تسهل على الباحثين وطلاب العلم الاغتراف من هذا المعين الذي لا ينضب- إن شاء الله- إلى قيام الساعة.

ألا وإن ثمرة البحث تكمن في معرفة كيفية الاستفادة من هذه الجهود التي بذلها أولئك الفقهاء.

وبعد الدراسة والاستقراء توصل فضيلة الشيخ/ عبد الله بن بيه إلى أن الاستفادة من تلك النوازل تكون من ثلاثة طرق:

1- الطريق الأول:

من خلال دراسة الفتاوى وتصنيفها إلى مجموعات بحسب معتمد الفتوى، وطريقة الاستنباط، فعلى سبيل المثال يمكن تصنيف الفتاوى إلى ثلاثة نماذج، وذلك بحسب تصنيف المفتين:

أ#فتاوى تعتمد الينبوع الأصلي من الكتاب والسنة والقياس وأقوال الصحابة والتابعين.

ب#فتاوى مجتهدي المذهب والفتيا: وهذه الطبقة تعتمد مذهب إمامها، لكنها ترجح في نطاق المذهب، وفي بعض النوازل تستشهد بالكتاب والسنة، تعضيداً لما تذهب إليه، وتتصرف تصرف المجتهدين، إلا أن الغالب على هذه الطبقة أنها لا تخرج عن المذهب، ولكنها تختار، وتستظهر وضع القواعد، وتقسم، وتقيس، وتخرج، وتمثل هذه الطبقة فتاوى ابن رشد، وهو يلجأ إلى ذلك - غالباً - في قضايا يلج فيها النزاع بين جمهرة العلماء؛ فترفع إليه، أو يرد فيها على من انتقد قوله في مسألة.

جــ#طبقة المقلدين: فهي لا ترتقي في استدلالها إلى نصوص الشارع، ولكنها تعتمد على روايات المذهب، وأحياناً على أقوال المتأخرين وتخريجاتهم، ومثالها: فتاوى عليش.

2- الطريق الثاني:

هو البحث عن القواعد والضوابط التي أقام عليها المفتون أحكامهم وفتاويهم في مختلف العصور.

3- الطريق الثالث:

هو البحث عن بعض النوازل التي تشبه قضايانا المعاصرة في وجه من الوجوه، وصورة من الصور، فيطبق عليها أو يستأنس بها لإيجاد الحل للقضية المستجدة.

وقد وفق الشيخ ابن بيه في هذا الحصر والتقسيم الثلاثي الذي من خلاله نستطيع أن نستفيد من هذه الكتب، وإن كانت بعض هذه الطرق تندرج تحتها تشعيبات كثيرة قد لا يكون المجال سانحاً لذكرها. وما يهمنا - هنا - هو التدليل والشرح والتمثيل لهذه الطرق. فأقول وبالله التوفيق:

الطريق الأول للاستفادة من هذه النوازل: هو معرفة المسلك الذي سار عليه المؤلف من حيث اجتهاده المطلق، أو اجتهاده في التخريج على مذهب معين.

وكما نعلم أن هذه الكتب كانت نتاج مدارس مالكية مختلفة، ومتغيرة.

فالناظر في النصوص الشرعية وأقوال الصحابة والتابعين ليستنبط منها الحكم الشرعي دون التقيد بمذهب معين يعد مجتهداً مستقلاً متى ما توافرت فيه بقية الشرائط، وانتفت عنه الموانع.

وهذا متحقق في الأسئلة التي أجاب عنها ابن القاسم بما كان سمعه من شيخه مالك بن أنس.

وأما ما سوى ذلك فهي فتاوى عن طريق تخريج الفروع، وهي إلحاق المسائل المستجدة على مقتضى دليل إمام المذهب وأصحابه.

فالتخريج هو: نقل حكم مسألة إلى أخرى لشبه بينهما.

وسواء أكان المفتي مجتهداً في المذهب: - وهو المتمكن من تخريج الوجوه التي يبديها باستنباطه على نصوص إمامه في المسائل بأن يكون قد أحاط بمأخذ إمامه وأدلته، ووجوه تصرفه في قواعده التي أصلها باجتهاده. وقد يستدل بنصوص الكتاب والسنة، إلا أنه لا يخرج عن المشهور من المذهب ويدلل له، ويعلل، ويمثل، وأحياناً قد يتوقف في المسألة.

ويمثل هذه الطبقة: فتاوى ابن رشد، وفتاوى ابن أبي زيد القيرواني.

أم دونه، وهو مجتهد الفتوى: ((وهو المتبحر في مذهب إمامه الذي قلده فيه، يفتي الناس بمسائله، ويتمكن من ترجيح قول له على آخر إذا أطلقها، وبَسْطُه بمحل آخر)).

وهذه الطبقة تعتمد على روايات المذهب، وأقوال المتأخرين، ولا تعنى كثيراً بنصوص الوحيين.

ومثال هذه الطبقة: فتاوى عليش من المالكية.

((وهذا التصنيف سيكون مقدمة ضرورية للتعامل مع البحر المتلاطم من الأقوال والآراء التي تزخر بها فتاوى الطبقات الثلاث من المفتين؛ للتعرف على ضوابط الفتوى بالنسبة لكل طبقة ومرجعيتها في الإفتاء. مع أن الضوابط - في مجملها - لا يختلف عليها، فالمفتي يجب أن يكون عالماً ورعاً... ولكن الاختلاف في ماهية العلم المشترط في الفتوى، فالعلم بالنسبة للمجتهد هو علم بالكتاب والسنة كما قدمناه، وبالنسبة للمقلد علم بنصوص إمامه)).

الطريق الثاني: ((هو البحث عن القواعد والضوابط والأسس التي أقام عليها المفتون أحكامهم وفتاويهم في مختلف العصور، وهي قواعد تنير دروب تطبيق النصوص على الوقائع المتجددة، فقد كانت القواعد والمباديء العامة خير معين على مقارعة صعاب النوازل، وتقويم اعوجاج ملتويات المسائل، وهذه القواعد تتعلق برفع الحرج: المشقة تجلب التيسير، والأمر إذا ضاق اتسع، وجلب المصالح ودرء المفاسد، ونفي الضرر، وارتكاب أخف الضررين، والنظر في المآلات، والعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وسد الذرائع، وتحكيم العرف، وتحقيق المناط، والإذن في العقود، وفي مدونات الفتاوى تطبيق حي للقواعد والضوابط على الواقعات)).

ومن الأمثلة على الاستفادة من هذه القواعد والضوابط: ما ورد في بعض فتاوى فقهاء المالكية المغاربة، ومنها:

سئل الشاطبي عن: ((رجل يُعطي سلعتَه لدَلَّالٍ يصيح عليها، فَيُعطى فيها ثمناً فيخبر الدلالُ صاحب السلعة بالذي أعطي فيها، فيقول له: بعها له، فيخبر الدلالُ المشتري أنه يريد أكثر من ذلك، فيعطي أكثر أو يزيد غيرُه عليه. هل هذه الزيادة سائغة للبائع أم لا؟

فأجاب- رحمه الله- هذه المسألة ُ يتصور فيها وجهان:

أحدهما: أن يعلم من قصد البائع أنه أراد: أعطه السلعة، إن كان ثم زيادة من غيره أوْ لا، ويُعرف ذلك بقرائن الأحوال أو غيرها، فلا إشكال أن البيع - هنا - منعقد، إذ قد أوجب له السلعة على كل حال، فهي للمشتري، ولا رجوع للمشتري - هنا - عن البيع. والثاني: أن يُعلم من قصده أنه أراد أعطِه السلعة إن لم يكن ثمَّ زيادة من غيره. وهذا هو الغالب من مقاصد الناس في هذا المساق، أي إن لم تجد زائداً فأعطه السلعة...)).

ثم أعاد السائل السؤال مرة أخرى فأجاب -رحمه الله-: ((أعدتم السؤال في مسألة البيع وفرضتموها - والبائع إذا قال الدلال: أعطيت في سلعتك كذا أو لم تسو إلا كذا، فقال البائع: أعطه إياها، فإنما معناه في عرف الناس: أعطه إياها إن لم يُوجد من يزيد على المسمى، فإذا زاد عليه أحد فالزيادة مقبولة حكماً، حلال للبائع، لقضاء العرف بذلك. اللهم إلا أن يقول البائع: إنما قصدت بيعَها بذلك لا بزيادة عليه، فإذ ذاك لا تحل له الزيادة، إلا أن يتراضى المتبايعان)).

وسئل ابن رشد عن الحاضنة تسافر أو غيرها ترجع من سفرها على قرب أو بعد مما ليس لها حمل المحضون معها، هل ترجع لحاضنتها؟ وكيف إن كان خروجها للصيفة؟

فأجاب: هي على حقها في حضانتها، كما إذا تركته لمرض وانقطاع لبن. ابن عرفة: ظاهر جوابه كان مبدأ سفرها اختياراً؛ لقول السائل: إن كان خروجها إلى الصيفة وإطلاق جوابه. ومقتضى استدلاله بالمرض وانقطاع اللبن تقييد سفرها بأنه اضطرار، وهو ظاهر كلام اللخمي)).

الطريق الثالث: هو البحث عن بعض النوازل التي حدثت من قبل وتشبه النوازل المعاصرة إلى حد ما، فتلحق النازلة المعاصرة بالسابقة، وتأخذ حكمها الذي سبق أن اجتهد فيه جماعة من علماء الأمة السابقين.

وإنما يتحقق ذلك بالبحث عنها في مظانها، فينبغي الحرص على معرفة (السوابق التاريخية) القريبة أو البعيدة التي تشابه المسألة من قريب أو بعيد. وهذا منهج سلفنا الصالح - رحمهم الله - حيث إذا عرضت على أحدهم النازلة نظر في نصوص الوحيين، فإن لم يجد نظر هل عرضت هذه المسألة أو ما يقاربها على أحد ممن سبق من العلماء أم لا؟ فإن وجد عمل به وإلا اجتهد. ولهذا قال ابن عبد البر: ((لا يكون فقيهاً في الحادث من لم يكن عالماً بالماضي)).

ولهذا كم من مسألة يظنها الباحث جديدة؛ فيتبين بعد أنها ليست كذلك، وقد وقعت - ونحوها - في بلدة كذا، وأفتى فيها العلماء.

ولو حقق المرء ودقق النظر لوجد كثيراً من الحوادث والنوازل لها جذور عريقة في التاريخ، تُعد هي الأصول والجذور للمسائل المعاصرة.

ومما تجدر الإشارة إليه: أن ذلك لا يعني التطابق التام في جميع حيثيات النازلة، فهذا قد لا يحدث إلا قليلاً، ولكن قد توجد صورة من الصور، أو وجه من الوجوه يجعل من إصدار الحكم الشرعي على المسألة المعاصرة أمراً ميسوراً على الناظر فيها.

((فالدلالة قد لا تكون دلالة مطابقة، ومفهومها قد لا يكون مفهوم موافقة، بل إنها تدل عليها دلالة تضمن، أو التزام بوجه من الوجوه، وشكل من الأشكال تنبيء عما وراء الأكمة، بدون غوص في مضامينها، أو تعمق في محتواها، غير ملتزم بترجيح وجه من أوجه الخلاف، إذ أن المقصود إثارة الموضوع؛ ليعلم أن له شواهد في النوازل تبيحه أو تحرمه، أو تحكي الخلاف فيه، وهو أمر سيتيح للفقيه عندما يعالج أياً من هذه النوازل سنداً يستند إليه؛ ليرجح من الخلاف على أساس من المرجحات، ويكفيه منقبة لهذا الخلاف: أنه يرفع عن الباحث إصر مخالفة الإجماع، ويسلكه مسلك الاتباع)).

والنظر في كتب النوازل يعطي الفقيه مزيداً من الدربة والارتياض في الفتوى. قال أيوب بن سليمان بن صالح: ((الفتيا دربة، وحضور الشورى في مجلس الحكام منفعة وتجربة. وقد ابتليت بالفتيا، فما دريت ما أقول في أول مجلس شاورني فيه سليمان بن أسود، وأنا أحفظ المدونة والمستخرجة الحفظ المتقن. ومن تفقد هذا المعنى من نفسه ممن جعله الله إماماً يلجأ إليه، ويعول الناس في مسائلهم عليه - وجد ذلك حقاً، وألفاه ظاهراً وصدقاً، ووقف عليه عياناً، وعلمه خبراً، والتجربة أصل في كل فن ومعنى مُفتقر إليه)).

ومما ينبغي التنبيه إليه: أن بعض المجتهدين يتكلف في إلحاق بعض المسائل المستجدة على ما يظن مشابهتها لها من المسائل السابقة مع الفرق البين بينهما، وكثيراً ما يكون ذلك في المعاملات المالية المعاصرة، حيث يحاول بعضهم جاهداً إلحاق بعض النوازل المتعلقة بالأموال ببعض العقود الشرعية السابقة، مع أنه لو قام بدراستها دراسة مستقلة لأغناه ذلك وأراحه في إبراز الحكم الشرعي.

كما أن الفتوى تختلف باختلاف الأعراف، وتغير الأحوال، وتبدل الأزمان، فقد يكون الجائز عند أولئك غير جائز عندنا، وهكذا.

ولهذا فإن فهم الواقعة والواقع المحيط بها دليل على قرب إصابة الناظر فيها للحكم الشرعي، متى ما توافرت بقية الضوابط.

فهناك قرائن وأمارات تحيط بالنازلة يلزم الناظر معرفتها، فقد يختلف الحكم في النازلة من مكان لآخر، ومن أناس لآخرين، حسب ما يقتضيه المقام.

ومن الأمثلة الدالة على هذا الطريق: ما أورده الونشريسي عن مسألة التضخم التي طال حولها الجدل في زمننا المعاصر.

فقد سئل فقهاء طليطلة عمن أوصى لرجل بدنانير فحالت السكة إلى سكة أخرى، فشوور فيها فقهاء قرطبة. فأجابوا بوجوب الوصية في السكة الجارية يوم مات الموصي، لا يوم أوصى، وأقاموها من مسألة الخيش والمسح والخريطة)). ثم ذكر كلام المتيطي ونصه: ((لو اكترى داراً لكل شهر بكذا فاستحالت السكة، وتمادى المكتري في السكنى حتى مضت مدة، وكانت السكة التي استحالت أحسن من القديمة التي عقد عليها الكراء، فهل يجب للمكري على المكتري من القديمة أو من الحادثة؟ فقال ابن سهل: له من السكة القديمة التي عقد عليها الكراء، كما لا حجة لبعض على بعض بغلاءٍ أو رخص، ولا يحتمل النظر غير هذا، ولا يجوز على الأصول سواه. قيل: هذا في الصحيح، وأما الفاسد فنصَّ عليه عبد الحق في نكته أواخر الدور)).

الخاتمة

بعد أن طوفنا حول هذه الجهود المشرقة لفقهاء المالكية المغاربة في تدوين النوازل الفقهية، فإنه يمكننا أن نستخلص أهم نتائج هذا البحث:

1#يطلق مصطلح ((النوازل)) على الوقائع والمسائل المستجدة التي تحتاج إلى حكم شرعي.

2#استخدم الفقهاء بعض المصطلحات الأخرى للنوازل، كالواقعات، والفتاوى، والأجوبة، والعمل أو العلميات، والأحكام، والحوادث.

3#انتشر المذهب المالكي في بلاد المغرب الإسلامي بواسطة تلامذة الإمام مالك الذين رحلوا إليه منها، والذين يزيدون على ثلاثين تلميذاً. ومن أبرزهم: علي بن زياد، والبهلول بن راشد، وابن أشرس.

4#المراد بمصطلح ((المالكية المغاربة)): أولئك الذين يقطنون بلاد شمال إفريقية والأندلس. والمراد بجهة الغرب هنا: ما كان غرب الدولة الإسلامية قديماً، وليس المقصود منه بلاد المملكة المغربية التي عاصمتها الرباط الآن.

5#لم تدون النوازل الفقهية في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولا في عهد أصحابه، وإنما اكتفي فيهما بالأجوبة الشفهية التي تتناقلها جماعات عن جماعات. وبدأ تدوين النوازل في العصر الذهبي الذي دونت فيه كتب الفقه والحديث.

6#فترة تدوين كتب النوازل تنقسم إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: وتمتد عبر القرنين الثاني والثالث، وهي أزهى عصور الفقه.

المرحلة الثانية: وتمتد من القرن الرابع إلى السابع.

المرحلة الثالثة: تبدأ من القرن الثامن إلى وقتنا الحاضر.

7#تتميز النوازل الفقهية بأربع خصائص:

الأولى: الواقعية: فهي تتعلق بمسائل قد وقعت ونزلت بالفعل.

الثانية: الطابع المحلي: فهي لا تبقى سابحة في المطلق كما هو الشأن في كتب الفقه العامة، بل هي مقيدة بالزمان والمكان والموضوع الذي انطلقت منه النوازل.

الثالثة: التجدد المستمر: فهي متجددة ومتغيرة مع تجدد أحوال الناس ووقائعهم.

الرابعة: تنوع التأليف: فكتب النوازل تختلف فيما بينها شكلاً وموضوعاً.

8#سلك فقهاء المالكية المغاربة منهجاً فريداً في تحمل النوازل والإجابة عليها، وأصبح هذا المنهج درساً عملياً في آداب الإفتاء والاستفتاء.

9#إن مناهج فقهاء المالكية المغاربة في تأليف كتب النوازل الفقهية تعود إلى أحد الأصناف الرئيسة الآتية:

الأول: هي التي يؤلفها أحد الفقهاء المفتين، فيجمع فيها أجوبته وأجوبة غيره، ويرتبها على ترتيب أبواب الفقه، فيأتي ديوانه جامعاً للعديد من النوازل، ومثاله: ((المعيار)) للونشريسي.

الثاني: هي التي جمعت أجوبة فقهاء ينتسبون إلى منطقة واحدة، ومثاله: ((الإعلام بنوازل الأحكام)) لابن سهل الأسدي.

الثالث: هي التي جمعت أجوبة فقيه واحد، جمعها، أو جمعت له من أحكامه خلال مدة قضائه وتوليه الفتوى، أو أجاب فيها عن مجموعة أسئلة وجهت إليه من جهة معينة، ومثاله: ((فتاوى ابن رشد الجد)).

الرابع: هي التي يؤلفها صاحبها للإجابة على قضية واحدة، ومثاله: ((مصباح الأرواح في أصول الفلاح)) للتلمساني.

10#تعد المؤلفات النوازلية مصدراً أساساً في مجالات شتى، يستفيد منها: الفقيه، والمفتي، والحاكم، والمؤرخ، والجغرافي، والاقتصادي وغيرهم.

فكما أنه يستفاد من النازلة في رسم الحكم الشرعي، فإنها في الغالب تحوي فوائد قد لا تقل أهمية عن الحكم ذاته.

ومن المؤسف: أن الغرب بمختلف مشاربه قد أدرك قيمة كتب النوازل المغربية أكثر من إدراك المسلمين أنفسهم لها.

11#إن كتب النوازل عند فقهاء المغرب لا يمكن حصرها. وهي تحتاج إلى من ينتشلها من على الأرفف إلى المطابع؛ حتى يستفيد منها المسلمون في أصقاع الأرض؛ لذا فإني أتوجه إلى أرباب الفكر، وأصحاب الكلمة، والقائمين على مراكز التراث العربية والإسلامية أن يعنوا بالمؤلفات النوازلية لفقهاء المالكية المغاربة، تحقيقاً، وبحثاً، ونظراً، واستنباطاً، كي تنهل الأمة من معين أسلافها.

12#إن أعظم فائدة وصلت إليها في هذه الإسهامة المتواضعة، هو أن الفقه الإسلامي بحر لا ساحل له، قادر على استيعاب كل نازلة من النوازل، وأن كتب النوازل المغربية تحوي حلولاً ناجعة لكثير من قضايانا المعاصرة هذه الأيام، فما علينا سوى الرجوع إلى هذه الكنوز المنسية؛ لعلنا نكون بذلك قد ربطنا شرق عالمنا الإسلامي بغربه.

13#اقترح أن تدرس مقررات مفردة متخصصة بفقه النوازل في مراحل التعليم المتقدمة، وأن يمزج ما بين الدراسة التأصيلية والتطبيقية.

14#أوصى القائمين على برنامجي الماجستير والدكتوراه في كليات الشريعة في جميع الجامعات أن يجعلوا لمؤلفات النوازل المخطوطة نصيباً من الرسائل والأطروحات المقدمة لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه؛ نظراً لما تحويه هذه المؤلفات من مواد علمية معمقة يستفيد منها العالم الإسلامي بأسره.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين...

تم بحمد الله.

فهرس المصادر والمراجع

1#أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر الجزائري في الجهاد، دراسة وتحقيق: عبد اللطيف أحمد الشيخ محمد صالح، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1996م.

2#الأحكام، للقاضي أبي المطرف عبد الرحمن بن قاسم الشعبي المالقي، تقديم وتحقيق: الدكتور/الصادق الحلوي، دار الغرب الإسلامي، بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1992م.

3#إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، لمحمد بن ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1399هــ/1979م.

4#اصطلاح المذهب عند المالكية، للدكتور/محمد إبراهيم علي، دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث- دبي/الإمارات، الطبعة الثانية، 1423هــ/2002م.

5#أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي، للدكتور/محمد رياض، (بدون بيانات).

6#أعلام الفكر الإسلامي، لمحمد الفاضل ابن عاشور، مركز النشر الجامعي- تونس، طبعة 2000م.

7# إعلام الموقعين عن رب العالمين، لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية، راجعه وعلق عليه: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل- بيروت/لبنان.

8#الإنجاد في أبواب الجهاد، لمحمد بن عيسى بن المناصف، تحقيق: قاسم الوزاني، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 2003م.

9#البعد الزماني والمكاني وأثرهما في الفتوى ليوسف بلمهدي، دار الشهاب، دمشق/سوريا، الطبعة الأولى 1421هــ/2000م.

10#التاريخ الإسلامي (الوجيز)، للدكتور/محمد سهيل طقوش، دار النفائس، بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، سنة 1423هــ/2002م.

11#تاريخ الفقه الإسلامي، للدكتور/ عمر سليمان الأشقر، دار النفائس- عمان/الأردن، الطبعة الثالثة، 1412هــ/1991م.

12#التاريخ وأدب النوازل (دراسات تاريخية مهداة للفقيد محمد زنيبر)، إنجاز الجمعية المغربية للبحث التاريخي، تنسيق: محمد المنصور ومحمد المغراوي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط- جامعة محمد الخامس، المغرب، الطبعة الأولى، 1995م.

13#ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض اليحصبي، ضبط وتصحيح: محمد سالم هاشم، دار الكتب العلمية- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1418هــ/1998م.

14#جامع الترمذي، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، اعتنى به: فريق بيت الأفكار الدولية، لبنان/بيروت، طبعة 2004م.

15#دراسات في مصادر الفقه المالكي، لميكلوش موراني، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1409هــ/1988م.

16#الذخيرة، لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، تحقيق الدكتور/محمد حجي، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1994م.

17#رسالة ابن فضلان، لأحمد بن فضلان بن العباس، تحقيق: الدكتور/سامي الدهان، دار صادر - بيروت/لبنان، الطبعة الثالثة، 1413هــ/1993م.

18#سنن ابن ماجه، لأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، اعتنى به: فريق بيت الأفكار الدولية- لبنان/بيروت، طبعة 2004م.

19#سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، اعتنى به: فريق بيت الأفكار الدولية، لبنان/بيروت، طبعة 2004م.

20#سنن النسائي، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، اعتنى به: فريق بيت الأفكار الدولية، لبنان/بيروت، طبعة 2004م.

21#صحيح البخاري، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، دار السلام للنشر والتوزيع- الرياض/السعودية، الطبعة الثانية، 1419هــ/ 1998م.

22#صحيح مسلم، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، دار السلام للنشر والتوزيع- الرياض/السعودية، الطبعة الأولى، 1419هــ/1998م.

23#فتاوى ابن أبي زيد القيرواني، لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، جمع وتقديم: الدكتور/حميد محمد لحمر، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 2004م.

24#فتاوى ابن رشد، جمع وتحقيق وتعليق: الدكتور/المختار بن الطاهر التليلي، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1407هــ/1987م.

25#فتاوى الإمام الشاطبي، لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى الأندلسي، حققه وقدم له الدكتور/محمد أبو الأجفان، مكتبة العبيكان- الرياض/السعودية، الطبعة الرابعة، 1421هــ/2001م.

26#فتاوى البرزلي: جامع مسائل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام، للإمام الفقيه أبي القاسم بن أحمد البرزلي، تقديم وتحقيق: الدكتور/محمد الحبيب الهيلة، دار الغرب الإسلامي، بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 2002م.

27#الفتاوى الفقهية في أهم القضايا من عهد السعديين إلى ما قبل الحماية، دراسة وتحليل: لحسن اليوبي، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، طبعة سنة 1419هــ/1998م.

28#فتاوى تتحدى الإهمال في شفشاون ما حولها من الجبال، جمع وتنظيم: محمد الهبطي المواهبي، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، طبعة سنة 1419هــ/1998م.

29#فقه المقاصد وأثره في الفكر النوازلي، للدكتور/عبد السلام الرفعي، نشر: إفريقية الشرق- المغرب، طبعة 2004م.

30#الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، لمحمد بن الحسن الحجوي، اعتنى به: أيمن صالح، دار الكتب العلمية- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1416هــ/1996م.

31#قدوة الغازي، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين، تحقيق: عائشة السليماني، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1989م.

32#لسان العرب، لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، دار صادر- بيروت/لبنان.

33#مذاهب الحكام في نوازل الأحكام، للقاضي عياض وولده محمد، تقديم وتحقيق وتعليق الدكتور/محمد بن شريفة، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1990م.

34#المذهب المالكي (مدارسه ومؤلفاته - خصائصه وسماته)، لمحمد المختار محمد المامي، مركز زايد للتراث والتاريخ - دبي/الإمارات، الطبعة الأولى، 1422هــ/2002م.

35#مسند أحمد بن حنبل، لأبي عبد الله أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني، بيت الأفكار الدولية- بيروت/لبنان، طبعة 2004م

36#معالم الشريعة الإسلامية، للدكتور/صبحي الصالح، دار العلم للملايين- بيروت/لبنان، الطبعة الرابعة، 1982م.

37#المعجب في تلخيص أخبار المغرب، لعبد الواحد المراكشي، ضبطه وعلق عليه: محمد العريان ومحمد العلمي، دار الكتاب- الدار البيضاء/المغرب.

38#معجم مقاييس اللغة، لأبي الحسين أحمد بن فارس، تحقيق وضبط: عبد السلام محمد هارون، دار الجيل- بيروت/لبنان.

39#معلمة الفقه المالكي، لعبد العزيز بنعبد الله، دار الغرب الإسلامي، بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، سنة 1403هــ/1983م.

40#المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب، لأحمد بن يحيى الونشريسي، خرجه جماعة من الفقهاء بإشراف الدكتور/محمد حجي، دار الغرب الإسلامي- بيروت/لبنان، طبعة 1401هــ/1981م.

41#معين الحكام على القضايا والأحكام، لأبي إسحاق ابن عبد الرفيع، تحقيق: د.محمد بن قاسم بن عياد، دار الفكر الإسلامي- بيروت/لبنان، 1989م.

42#المقاصد في المذهب المالكي خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين، للدكتور/نور الدين الخادمي، مكتبة الرشد- الرياض/السعودية، الطبعة الثانية، 1424هــ/2003م.

43#مقدمة ابن خلدون، لعبد الرحمن بن خلدون، دار الكتب العلمية- بيروت/لبنان، الطبعة الأولى، 1413هــ/1993م.

44#مناهج كتب النوازل الأندلسية والمغربية من منتصف القرن الخامس إلى نهاية القرن التاسع الهجري، للدكتور/محمد الحبيب الهيلة، وهو بحث منشور ضمن أعمال المؤتمر الافتتاحي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي لندن/بريطانيا (1991م).

45#منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة (دراسة تأصيلية تطبيقية)، للدكتور/مسفر القحطاني، دار الأندلس الخضراء، جدة/السعودية، الطبعة الأولى، 1424هــ/2003م.

46#الموافقات، لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان- الخبر/السعودية، الطبعة الأولى، 1417هــ/1997م.

47#مواهب الجليل بشرح مختصر خليل، لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب، دار الفكر- بيروت/لبنان، الطبعة الثانية، 1398هــ/ 1978م.

48#الموطأ، للإمام مالك بن أنس، تحقيق: سعيد اللحام، دار إحياء العلوم- بيروت/لبنان، الطبعة الثانية، 1411هــ/1990م.

49#نظرات في النوازل الفقهية، للدكتور/محمد حجي، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر- المغرب، الطبعة الأولى، 1420هــ/1999م.

50#النوازل الفقهية والمجتمع: أبحاث في تاريخ الغرب الإسلامي (من القرن السادس إلى القرن التاسع الهجري)، لمحمد فتحة، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة الحسن الثاني - عين الشق، الدار البيضاء/ المغرب، طبعة سنة 1999م.

51#النوازل، لعيسى بن علي الحسني العلمي، تحقيق: المجلس العلمي بفاس، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، طبعة سنة 1403هــ/1983م.

* مدرس بقسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية - كلية الشريعة - جامعة الكويت.

الآية (9) من سورة الحجر.

جزء من الآية (38) من سورة الأنعام.

انظر: لسان العرب لابن منظور، مادة {نزل} (11/659)، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس (باب: النون والزاي وما يثلثهما) (5/417).

انظر: معجم مقاييس اللغة (باب: النون والزاي وما يثلثهما) (5/417).

يطلق على بعض كتب فتاوى العلماء في النوازل أكثر من عنوان. ومن ذلك: فتاوى ابن رشد التي لم يجمعها في كتاب مستقل، ولم يجعل لها مقدمة كما فعل في كتابيه المقدمات والبيان والتحصيل، ولم يضع لها اسماً، ولا أفرد لها عنوانًا التزمه أصحابه. ومن هنا اختلفت تعبيراتهم عنها، وتعددت أسماؤها، وكل سماها بحسب ما رآه مناسباً: كالنوازل، والمسائل، والأسئلة، والجوابات، والأجوبة، والفتاوى. انظر: فتاوى ابن رشد (مقدمة المحقق) للدكتور/ المختار التليلي (1/35) وما بعدها.

انظر: اصطلاح المذهب عند المالكية للدكتور/محمد علي إبراهيم ص(57-58).

انظر: ترتيب المدارك للقاضي عياض (1/23).

انظر: اصطلاح المذهب ص(62).

انظر: المصدر السابق ص(67-68).

انظر: اصطلاح المذهب ص(70-71).

أعلام الفكر الإسلامي لمحمد الفاضل بن عاشور ص(52).

ترتيب المدارك (3/82).

انظر: المذهب المالكي لمحمد المامي ص(95-96).

انظر: الموطأ برواية ابن زياد، (مقدمة المحقق) ص(46)، أعلام الفكر الإسلامي ص(87)، اصطلاح المذهب ص(74).

انظر: دراسات في مصادر الفقه المالكي لميكلوش موراني ص(150).

اصطلاح المذهب ص(75).

انظر: اصطلاح المذهب ص(79).

(3/382).

انظر: مواهب الجليل للحطاب (1/6).

ترتيب المدارك (3/387).

انظر: مقدمة ابن خلدون ص(357).

انظر: ترتيب المدارك (5/172).

انظر: المذهب المالكي ص(100-102).

انظر: أعلام الفكر ص(103).

انظر: أعلام الفكر ص(107-108).

انظر: المذهب المالكي ص(104) وما بعدها بتصرف.

انظر: المذهب المالكي لمحمد المختار ص(95).

انظر: تاريخ الفقه الإسلامي للدكتور/عمر الأشقر ص(114).

انظر: نظرات في النوازل الفقهية ص(23).

انظر: المصدر السابق ص(40).

انظر: المصدر السابق ص(24).

انظر: تاريخ الفقه الإسلامي ص(84-87) بتصرف.

انظر: نظرات في النوازل الفقهية ص(26-27).

دراسات في مصادر الفقه المالكي لميكلوش موراني ص(118).

معلمة الفقه المالكي لعبد العزيز بن عبد الله ص(142).

انظر: ترتيب المدارك (1/449).

المصدر السابق.

تاريخ الفقه الإسلامي ص(115).

انظر: المصدر السابق ص(144-145).

انظر: نظرات في النوازل الفقهية ص(30).

انظر: نظرات في النوازل الفقهية ص(42-43).

فتاوى الإمام الشاطبي، (مقدمة المحقق) ص(18-19).

انظر: نظرات في النوازل الفقهية ص(55).

ترتيب المدارك (1/270-271)، والموافقات للشاطبي (5/385).

ترتيب المدارك (1/74).

انظر: نظرات في النوازل الفقهية ص(56).

انظر: المعيار (مقدمة المحقق) ص(و، ز) بتصرف يسير.

وهي كثيرةٌ منها - على سبيل المثال: ما يسمى بہ: حكام ملوك الطوائف التي تصل إلى حوالي (23) دويلة، وقد امتد وجودها من سنة (422هہ) إلى سنة (484هہ)، وتولى أمرها حكام سموا بملوك الطوائف، كطائفة أهل الأندلس، وطائفة كبار الصقالبة وغيرهما. انظر: المعجب ص(70) وما بعدها، والتاريخ الإسلامي للدكتور/محمد طقوش ص(252) وما بعدها.

انظر: المعيار للونشريسي (1/3).

انظر: نوازل العلمي (1/303-304).

أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد ص(102-103).

انظر: المصدر نفسه ص(62-64) بتصرف.

انظر: نظرات في النوازل الفقهية ص(58-59).

إعلام الموقعين (1/88).

انظر في هذا المعنى: أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي للدكتور/محمد رياض ص(236-237).

انظر: معالم الشريعة الإسلامية لصبحي الصالح ص(70).

انظر: البعد الزماني والمكاني وأثرهما في الفتوى ليوسف بلمهدي ص(176).

انظر: المصدر السابق ص(177).

الذخيرة للقرافي (13/335).

انظر: معين الحكام لابن عبد الرفيع (2/248-249) بتصرف.

لمزيد من التفصيل في هذه المسألة انظر: فقه المقاصد وأثره في الفكر النوازلي للدكتور/عبد السلام الرفعي ص(137) وما بعدها.

والشاطبي- رحمه الله تعالى- يرى أنه هو الذي ابتكر هذا العلم. انظر: الموافقات (1/12-13).

فتاوى الشاطبي (مقدِّم الكتاب الشيخ/مصطفى أحمد الزرقا) ص(6).

انظر: نظرات في النوازل الفقهية ص(57).

انظر: فتاوى الشاطبي (مقدمة المحقق) ص(20).

انظر: نظرات في النوازل ص(33).

مثال ذلك: ما أورده القاضي عياض في حق ابن رشد عندما قال: (شيخنا: الفقيه، الأجل، الإمام، الحافظ، قاضي الجماعة... الرغبة على شيخي المعظم، أدام الله جلاله في النظر في هذه المسائل التي أسأله عنها، إذ هي نوازل كانت من بعض الأصحاب فيها نزاع، فأردت الاستنجاد برأيه والاستهداء بهديه، والله يعظم أجره، ويجزل ذخره بعزته). انظر: فتاوى ابن رشد (1/62-63).

انظر: فتاوى ابن رشد (مقدمة المحقق) (1/69) بتصرف.

المصدر نفسه (1/73-74).

فتاوى البرزلي، (مقدمة المحقق) (1/46).

انظر: فتاوى ابن رشد (مقدمة المحقق) (1/24).

انظر: أجوبة التسولي ص(76-80).

انظر: فتاوى الشاطبي (مقدمة المحقق) ص(132).

انظر: فتاوى ابن رشد (مقدمة المحقق) (1/43) وما بعدها.

انظر: فتاوى البرزلي، (مقدمة المحقق) (1/46).

انظر: أجوبة التسولي ص(77) وما بعدها.

فتاوى ابن أبي زيد القيرواني ص(91-93)، فتاوى البرزلي (1/63).

انظر: الفتاوى الفقهية في أهم القضايا من عهد السعديين إلى ما قبل الحماية، للأستاذ لحسن اليوبي ص(141).

أخرجه أبو داود (ص33/ كتاب الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر، رقم: 83)، والترمذي (ص30/ كتاب الطهارة، باب: ما جاء في كراهية البول في الماء الراكد، رقم: 69)، والنسائي (ص24/ كتاب الطهارة، باب: ماء البحر، رقم 59)، وابن ماجه (ص56/ كتاب الطهارة وسننها، باب: الوضوء بماء البحر، رقم: 387)، وأحمد في مسنده ص(639) رقم: (9088). وقد صححه جمع من العلماء، منهم: البخاري، والحاكم، وابن حبان، وابن المنذر، والطحاوي، والبغوي، والخطابي وغيرهم كثير. انظر: إرواء الغليل للألباني (1/43).

ص(82).

انظر: المعيار (مقدمة المحقق) ص(1/ز).

انظر: فتاوى الشاطبي (مقدمة المحقق) ص(134).

انظر: (مناهج كتب النوازل الأندلسية والمغربية من منتصف القرن الخامس إلى نهاية القرن التاسع الهجري) للدكتور/محمد الحبيب الهيلة ص(219)، وهو بحث ضمن أعمال المؤتمر الافتتاحي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي (لندن)، وهو ما بين الصفحات (217-223).

انظر: نوازل البرزلي (1/61).

انظر: مناهج كتب النوازل ص(220)، المعيار (مقدمة المحقق) (1/و-ز)، المعيار (مقدمة المحقق) (1/1).

انظر: مناهج كتب النوازل ص(221).

المصدر نفسه.

انظر: فتاوى تتحدى الإهمال (1/4).

انظر: مناهج كتب النوازل ص(221).

انظر: مذاهب الحكام، (مقدمة المحقق) ص(11).

انظر: فتاوى ابن أبي زيد القيرواني، (مقدمة المحقق) ص(7).

انظر: مناهج كتب النوازل ص(222).

انظر: مناهج كتب النوازل ص(222).

كتب الجهاد كثيرة في تلك الديار، لأسباب سبق بيانها. ومن أبرزها: الحروب المستعرة بين المسلمين والنصارى الصليبيين، وهذا الأمر هو الذي ولد هذا النتاج النوازلي. يضاف إلى ذلك تأليف كثير من الفقهاء لكتب الجهاد؛ رغبة منهم في شحذ همم المسلمين وإن لم تكن هناك أسئلة دعت لتأليف مثل هذه الكتب، ومن أبرزها: كتاب الإنجاد في أبواب الجهاد، لمحمد بن عيسى ابن المناصف (ت620هہ).

انظر: مناهج كتب النوازل ص(222).

انظر: المصدر السابق ص(223).

انظر: أجوبة التسولي ص(102-103).

يقول المستشرق الأستاذ (فرهن) حين قدم لدراسة ابن فضلان في الألمانية: إن تاريخ روسية وما جاورها في العصور القديمة غير معروف، وهو ما يزال غامضاً مبهماً في أكثر نواحيه، لم يضيء من جوانبه أحد من الأوروبيين. وفي زمن نسطور (Nestor) كتب عن البيزنطيين والفرنك والسكاندنافيين، ولكن ما كتب لم يتوسع في أخبار الروس. فإذا كان الغرب قد أغفل روسية فإن العرب والشرقيين تحدثوا عنها، فألقى العرب أنواراً كثيرة على تاريخ الغرب القديم، وأدلوا بمعلومات نافعة، ولاسيما عن البلغار وروسية في عهدها البعيد، وبذلك فتح العرب عيون الغرب على معلومات في الكون عجيبة، من أقصى الهند والصين إلى المحيط الأطلسي. انظر: مقدمة رسالة ابن فضلان ص(29).

وهذا لا يعني - بالطبع - عدم إدراك أهمية هذه الكتب عند العرب إدراكاً كاملاً، فهناك - بحمد الله - جهود حثيثة في أصقاع كثيرة من بلاد المسلمين، إلا أن هذه الجهود قليلة وضعيفة مقارنةً بجهود غير المسلمين. ومن تلك الجهود الجيدة في هذا المجال: ما تقوم به بعض المؤسسات العلمية الخاصة في بلاد الغرب ذاتها، ومن أبرز تلك المؤسسات - في نظري -: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، والتي يترأسها ويشرف عليها معالي الأستاذ/أحمد زكي يماني، وقد أقامت المؤسسة خمسة مؤتمرات عن المخطوطات الإسلامية، وقد شارك فيها جمع من الأساتذة المسلمين والمستشرقين المتخصصين بدراسة المخطوطات وقيمتها الثقافية في شتى الميادين. وقد أقيمت خمس مؤتمرات ما بين الأعوام (1991م-1999م).

التاريخ وأدب النوازل، دراسات تاريخية مهداة للفقيد محمد زنيبر، إعداد الجمعية المغربية للبحث التاريخي ص(205).

انظر: المعجب في تلخيص أخبار المغرب للمراكشي ص(148).

المصدر السابق.

المصدر السابق.

المصدر السابق.

انظر المعيار (8/5) وما بعدها.

المعيار (8/11).

النوازل الفقهية والمجتمع، أبحاث فقهية في تاريخ الغرب الإسلامي (من القرن السادس إلى القرن التاسع الهجري) ص(19).

انظر: قدوة الغازي لابن أبي زمنين، (مقدمة المحقق) ص(19).

انظر: المقاصد في المذهب المالكي للدكتور/نور الدين الخادمي ص(90-91).

النوازل الفقهية والمجتمع ص(333).

المصدر نفسه ص(338).

المصدر نفسه ص(357).

انظر: تاريخ الأدب العربي للفاخوري ص(352).

انظر: المقاصد في المذهب المالكي ص(106-108).

انظر: المعيار (8/16)، (6/105، 106، 292).

فتاوى الشاطبي ص(119).

استفدت كثيراً في جمع هذه الأسماء مما كتبه الدكتور/محمد حجي في كتابه (نظرات في النوازل الفقهية) ص(34) وما بعدها، والدكتور/مسفر القحطاني في أطروحته للدكتوراه الموسومة بہ: (منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة) ص(714) وما بعدها، وأضفت بعضاً آخر من خلال القراءات المختلفة والكتب المطبوعة حديثاً.

وقيل: الثعلبي. انظر: الديباج المذهب (220)، شذرات الذهب (6/282).

انظر: بحث بعنوان: (سبل الاستفادة من النوازل (الفتاوى) والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرة) للدكتور/عبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه، وهو منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الحادي عشر (2/563-569) بتصرف.

منار أصول الفتوى لإبراهيم اللقاني ص(199).

منار أصول الفتوى لإبراهيم اللقاني ص(200).

مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الحادي عشر (2/565).

المصدر السابق (2/566-567).

فتاوى الشاطبي ص(190-191).

المصدر السابق ص(191).

المعيار للونشريسي (4/45).

جامع بيان العلم وفضله (2/47).

مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الحادي عشر (2/569-570).

المعيار المعرب (10/79).

المعيار (6/228-229).

المصدر السابق (6/229).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire